وإسحاق بن راهويه، وأبا ثور، وأبا عبيد، فإنهم قالوا: لا بأس برواية الشعر
الذي ليس فيه هجاء، ولا نَكْت عرض أحد من المسلمين، ولا فُحش، ورُوي
ذلك عن أبي بكر الصديق، وعليّ بن أبي طالب، والبراء بن عازب، وأنس بن
مالك، وعبد الله بن عباس، وعمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير،
ومعاوية بن أبي سفيان، وعمران بن الحصين، والأسود بن سَرِيع، وعائشة أم
المؤمنين -رضي الله عنهم- أجمعين.
قوله: "لا قَذْع فيه" بفتح القاف، وسكون الذال المعجمة، وبعين مهملة،
وهو الفُحش، والْخَنَى. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق من ذِكر أقوال العلماء،
وأدلّتهم أن الحقّ قول من ذهب إلى جواز الشعر الخالي عن الفحش، والخنا،
ما لم يكن غالبًا على الشخص بحيث يمنعه عن القرآن، والعلم، وذِكر الله
تعالى، فهذا هو وجه الجمع بين أحاديث الباب المختلفة، كما ذهب إليه
البخاريّ رحمه الله في ترجمته السابقة، وقبله أبو عبيد، فتبصّر بالإنصاف، والله
تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[5880] (2258) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا
يَرِيهِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا").
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 - (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) المعروف ببُندار، تقدّم قريبًا.
2 - (قتَادَةُ) بن دِعامة السدوسيّ البصريّ، تقدّم أيضًا قريبًا.
3 - (يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ) الباهلىّ، أبو غلّاب البصريّ، ثقةٌ [3] مات بعد التسعين،
وأوصى أن يصلّي عليه أنس بن مالك -رضي الله عنه- (ع) تقدم في "الصلاة" 16/ 909.