على الإنسان الشعر، حتى يصدّه عن ذكر الله، والعلم، والقرآن". انتهى.
وقال النوويّ: قال أبو عبيد: قال بعضهم: المراد بهذا الشعر: شعر
هُجِيَ به النبيّ-صلى الله عليه وسلم-، قال أبو عبيد والعلماء كافّة: هذا تفسير فاسد؛ لأنه يقتضي
أن المذموم من الهجاء أن يمتلئ منه دون قليله، وقد أجمع المسلمون على أن
الكلمة الواحدة من هجاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- موجبة للكفر، قالوا: بل الصواب أن المراد
أن يكون الشعر غالبًا عليه، مستوليًا عليه بحيث يَشغله عن القرآن، وغيره، من
العلوم الشرعية، وذِكر الله تعالى، وهذا مذموم من أيّ شعر كان، فأما إذا كان
القرآن والحديث وغيرهما من العلوم الشرعية هو الغالب عليه، فلا يضرّ حفظ
اليسير من الشعر مع هذا؛ لأن جوفه ليس ممتلئًا شعرًا، والله أعلم. انتهى (?).
2 - (ومنها): ما قال في "الفتح": استُدِلّ بتأويل أبي عبيد على أن مفهوم
الصفة ثابت باللغة؛ لأنه فَهِم منه أن غير الكثير من الشعر ليس كالكثير، فخصّ
الذم بالكثير الذي دلّ عليه الامتلاء، دون القليل منه، فلا يدخل في الذم، وأما
من قال: إن أبا عبيد بنى هذا التأويل على اجتهاده، فلا يكون ناقلًا للّغة،
فجوابه أنه إنما فَسَّر حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم-في كتابه على ما تلقّفه من لسان العرب،
لا على ما يَعْرِض في خاطره؛ لِمَا عُرِف من تحرزه في تفسير الحديث النبويّ.
انتهى (?).
3 - (ومنها): ما قال النوويّ: واستَدَلّ بعض العلماء بهذا الحديث على
كراهة الشعر مطلقًا، قليلِهِ وكثيرِهِ، وإن كان لا فُحش فيه، وتعلق بقوله -صلى الله عليه وسلم-:
"خُذُوا الشيطان"، وقال العلماء كافّةً: هو مباح ما لم يكن فيه فُحش، ونحوه،
قالوا: وهو كلام حسنه حسنٌ، وقبيحه قبيحٌ، وهذا هو الصواب، فقد سمع
النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الشعر، واستنشده، وأمر به حسان في هجاء المشركين، وأنشده
أصحابه بحضرته في الأسفار، وغيرها، وأنشده الخلفاء، وأئمة الصحابة،
وفضلاء السلف، ولم ينكره أحد منهم على إطلاقه، وإنما أنكروا المذموم منه،
وهو الفُحش ونحوه، وأما تسمية هذا الرجل الذي سمعه يُنشد شيطانًا فلعله كان