وذكر السُّهيلي في غزوة وَدّان عن جامع ابن وهب أنه رُويَ فيه أن
عائشة -رضي الله عنه- تأولت هذا الحديث على ما هُجِي به النبيّ -رضي الله عنه-، وأنكرت على من
حمله على العموم في جميع الشعر، قال السهيليّ: فإن قلنا بذلك، فليس في
الحديث إلا عيب امتلاء الجوف منه، فلا يدخل في النهي رواية اليسير على
سبيل الحكاية، ولا الاستشهاد به في اللغة، ثم ذكر استشكال أبي عبيد،
وقال: عائشة أعلم منه، فإن الذي يروي ذلك على سبيل الحكاية لا يكفر، ولا
فرق بينه وبين الكلام الذي ذَمُّوا به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو الجواب عن صنيع ابن
إسحاق في إيراده بعض أشعار الكَفَرة في هجو المسلمين، والله أعلم.
وقوله: (قَالَ أَبُو بَكْر: إِلَّا أَنَّ حَفْصًا لَمْ يَقُلْ: "يَرِيهِ") أبو بكر هو ابن أبي
شيبة شيخ المصنّف في السند، أراد به أنه بيّن اختلاف شيخيه، في إثبات لفظ:
"يَرِيه"، فأثبتها أبو معاوية، وأسقطها حفص بن غياث، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [1/ 5879] (2257)، و (البخاريّ) في "الأدب"
(6155) وفي "الأدب المفرد" (860)، و (أبو داود) في "الأدب" (5009)،
و(الترمذيّ) في "الأدب" (2851)، و (ابن ماجه) في "الآداب" (3759)، و (ابن
أبي شيبة) في "مصنّفه" (8/ 719 - 720)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 288
و355 و 391 و 478 و 480)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (5777 و 5779)،
و(أبو القاسم البغويّ) في "الجعديّات" (3106)، و (الطحاويّ) في "شرح السنّة"
(4/ 295)، و (ابن عديّ) في "الكامل" (5/ 1894 و 6/ 2132)، و (البيهقيّ) في
"الكبرى" (10/ 244) و"شُعب الإيمان" (4/ 276)، و (البغويّ) في "شرح
السنّة" (3413)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان ذمّ الاشتغال بالشعر، وهذا إذا شغله عن القرآن،
وذِكر الله عزوجل، قال البخاريّ في "صحيحه": "باب ما يُكره أن يكون الغالب