الصالحات، والمنافع العامة، فهو أحق باسم الكريم والكرم من العنب. انتهى
كلام القرطبيّ رحمه الله (?)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم.
وقال البخاريّ رحمه الله في "صحيحه": "باب قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إنما الكرم
قلب المؤمن"، وقد قال: "إنما المفلس الذي يُفلس يوم القيامة"، كقوله:
"إنما الصُّرَعة الذي يملك نفسه عند الغضب"، كقوله: "لا مَلِكَ إلا الله"،
فوَصَفه بانتهاء المُلك، ثم ذكر الملوك أيضًا، فقال: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} [النمل: 34].
قال الحافظ: غَرَض البخاريّ أن الحصر ليس على ظاهره، وإنما المعنى
أن الأحق باسم الكرم قلب المؤمن، ولم يُرِد أن غيره لا يسمى كرمًا، كما أن
المراد بقوله: "إنما المفلس" من ذَكَر، ولم يرد أن من يفلس في الدنيا لا يسمى
مفلسًا، وبقوله: "إنما الصُّرَعةُ" كذلك، وكذا قوله: "لا مَلِك إلا الله" لم يُرِد أنه
لا يجوز أن يسمى غيره مَلِكًا، وإنما أراد المَلِك الحقيقيّ، وإن سُمّي غيره
مَلِكًا، واستشهد لذلك بقوله تعالى: {إِنَّ الْمُلُوكَ}، وفي القرآن من ذلك عدة
أمثلة، كقوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ} [يوسف: 43] في صاحب يوسف وغيره.
انتهى (?).
وقال في "الفتح" عند قوله: "ويقولون: الكرمُ، إنما الكرم قلب المؤمن"،
هكذا وقع في هذه الرواية من طريق سفيان بن عيينة، قال: حدّثنا الزهريّ، عن
سعيد، ووقع في رواية معمر، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، بلفظ: "لا تُسَمُّوا
العنبَ كَرْمًا"، وهي رواية ابن سيرين، عن أبي هريرة عند مسلم، وعنده من
طريق همام، عن أبي هريرة: "لا يقل أحدكم للعنب: الكرم، إنما الكرم الرجل
المسلم"، وله من حديث وائل بن حجر: "لا تقولوا: الكرم، ولكن قولوا:
الْعِنَب، والْحَبَلَة".
وقال في "العمدة": قوله: "ويقولون: الكرمُ" بالرفع مبتدأ، وخبره
محذوف، تقديره: يقولون: الكرم شجر العنب، ويجوز أن يكون الكرم خبر