قال الجامع عفا الله عنه: هكذا ساق القرطبيّ هذه القصّة بلا زمام، فليُنظر

من أخرجها، وحال إسنادها، والله تعالى أعلم.

(فَفَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ")؛ أي: لأنه لا يرجع إلى الدنيا،

فينبغي لكم أن تستغفروا له حتى يستفيد في الآخرة باستغفاركم له، (ثُمَّ

قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- محذّرًا أصحابه كي لا يقعوا في مثل ما وقع فيه الفتى: ("إِنَّ

بِالْمَدِينَةِ جِنًّا، قَدْ أَسْلَمُوا، فَإذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا)؛ أي: ظهر لكم بصورة

حيّة، (فَآذِنُوهُ) بالمدّ؛ أي: أعَلموه بأنه لا يجوز له التعرّض للمسلمين في

بيوتهم، وفي رواية: "فحرّجوا عليها"؛ أي: قولوا لها: أنت في حرج؛

أي: ضِيْق إن عُدت إلينا، فلا تلومينا أن نضيّق عليك بالتتبّع، والطرد،

والقتل (?). (ثَلَانةَ أَيَّامٍ) هذا صريح في أن الإنذار ثلاثة أيام، لا ثلاث

مرّات، كما زعم بعضهم. (فَإِنْ بَدَا)؛ أي: ظهر ذلك الجنّيّ (لَكُمْ بَعْدَ

ذَلِكَ)؛ أي: بعد الإنذار ثلاثة أيام، (فَاقْتُلُوهُ) ثم علّل الأمر بقتله بما قرنه

بالفاء التعليليّة، فقال: (فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ")؛ أي: لمخالفته أمر الله تعالى

بعدم الاستجابة للإنذار.

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: معناه: وإذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من

عوامر البيوت، ولا ممن أسلم من الجنّ، بل هو شيطان، فلا حرمة عليكم

فاقتلوه، ولن يجعل الله له سبيلًا للانتصار عليكم بثأره، بخلاف العوامر، ومن

أسلم، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- هذا من أفراد

المصنّف رحمهُ اللهُ.

[تنبيه]: قد تكلّم الإمام ابن عبد البرّ رحمهُ اللهُ في إسناد هذا الحديث، فقال

بعد أن ساقه من رواية مالك بسند مسلم ما ملخّصه: هكذا قال مالك في هذا

الحديث: عن صيفيّ مولى ابن أفلح، وذكره الحميديّ عن ابن عيينة، عن ابن

عجلان، عن صيفيّ مولى أبي السائب، عن رجل، قال: "أتيت أبا سعيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015