سنان يُطعن به، جمعها رِماحٌ، وأرماحٌ (?)، (وَادْخُلِ الْبَيْتَ، حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِي
أَخْرَجَنِي؟ ) "ما" استفهاميّة مبتدأ خبرها الموصول؛ أي: أيّ شيء الذي أخرجني
من البيت؟ (فَدَخَلَ) الرجل البيت ليرى ما أخرجها منه، (فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ) "إذا"
هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأه وجودها، وقوله: (مُنْطَوِيةٍ عَلَى الْفِرَاشِ) صفة لـ"حيّةٌ"
بعد صفة، (فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ)؛ أي: مدّ إلى تلك الحيّة برمحه (فَانْتَظَمَهَا بِهِ)؛
أي: فطعنها، ثمّ انتظمها به، قال الطيبيّ: قوله: "فانتظمها"؛ أي: غرز الرمح في
الحيّة حتى طواها فيه، فشبّهه بالسِّلْك الذي يُدخل في الخرز (?). (ثُمَّ خَرَجَ) الرجل
برمحه الذي انتظم به الحيّة (فَرَكَزَهُ) من بأبي نصر، وضرب؛ أي: غرزه (فِي الدَّارِ،
فَاضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ)؛ أي: اضطربت الحيّة صائلة على الرجل، (فَمَا يُدْرَى) بالبناء
للمفعول؛ أي: ما يُعلم، وفي بعض النُّسخ: "فما ندري" بالنون، مبنيًّا للفاعل،
(أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا، الْحَيَّةُ، أَمِ الْفَتَى؟ )؛ يعني: أنهما ماتا في وقت واحد بحيث
إنه لا يُعلم تقدّم موت أحدهما على الآخر؛ لكونه في وقت واحد. (قَالَ) أبو
سعيد -رضي الله عنه- (فَجِئْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، وَقُلْنَا: ادْعُ اللهَ يُحْيِيهِ لَنَا)
لكونه حديث عهد بعُرس، فتستوحش المرأة الحديثة العُرْس، ويشتدّ حزنها عليه،
رجوا بأن يستجيب الله تعالى دعاء نبيّه -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الفتى؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أكرم على الله
تعالى من أن يردّ دعاءه، وهذا ليس الأمر من الأمور المستحيلة، فقد جرى له -صلى الله عليه وسلم-
آيات كثير من المعجزات، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- لم ير ذلك مصلحةً.
وقال القرطبيّ: وقولهم: "ادع الله أن يحييه لنا" قولٌ أخرجه منهم كثرةُ ما
كانوا يشاهدون من إجابة دعواته -صلى الله عليه وسلم-، وعموم بركاته، ولمَا روى أئمتنا في
كتبهم: أن رجلًا وأد ابنته، ثم أسلم، فجاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فسأله أن يدعو الله في
أن يحييها له، فانطلق معه إلى قبرها، فدعا، فناداها، فأحياها الله، فتكلمت
معهما، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتريدين أن تنطلقي مع أبيك؟ أو ترجعي إلى
ما كنت فيه؟ " فاختارت الرُّجوع إلى قبرها. انتهى (?).