عبَّر بالطُّفيتين. وأصل الطُّفية -بضم الطاء-: خُوص الْمُقْل، فشبَّه الخط الذي
على ظهر هذه الحيَّة به، وربَّما قيل لهذه الحيَّة: طُفْيَةٌ؛ على معنى: ذات طفية.
قال الشاعر:
وَهُمْ يُذِلُّونَهَا مِنْ بَعْدِ عِزَّتِهَا كما ... تَذِلُّ الطُّفَى مِن رُقْيَة الرَّاقي
أي: ذوات الطُّفَى. وقد يسمّى الشيء باسم ما يجاوره. وقال الخليل في
ذي الطفيتين: هي حيَّة، ليّنة خبيثة (?).
(وَالأَبْتَرَ)؛ أي: الأفعى؛ سُمِّيت بذلك؛ لِقِصَر ذَنَبها. وذَكَر الأفعى:
أفعوان. وقال النضر بن شُميل في الأبتر: إنه صنف من الحيَّات أزرق مقطوع
الذنب (?).
(فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ)؛ أي: يطلبان البصر، هذا أصله، ومعناه هنا:
يخطفان البصر، كما جاء في الرواية الأخرى (?).
وقال النوويّ -رحمه الله-: فيه تأويلان ذكرهما الخطابيّ وآخرون:
أحدهما: معناه يخطفان البصر، ويطمسانه بمجرد نظرهما إليه؛ لخاصّة
جعلها الله تعالى في بصريهما، إذا وقع على بصر الإنسان، ويؤيد هذا الرواية
الأخرى في مسلم: "يخطفان البصر"، والرواية الأخرى: "يلتمعان البصر".
والثاني: أنهما يقصدان البصر باللَّسْع، والنَّهْش، والأول أصحّ وأشهر.
قال العلماء: وفي الحيّات نوع يُسَمَّى الناظر، إذا وقع نظره على عين
إنسان مات من ساعته، والله أعلم. انتهى (?).
(وَيَسْتَسْقِطَانِ) السين والتاء زائدتان للتوكيد، (الْحَبَالَى") بالفتح: جمع
حُبْلَى بضَمّ، فسكون، ومعناه: أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما، وخافت
أسقطت الحمل غالبًا.
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: وظاهر هذا: أن هذين النوعين من الحيَّات لهما من
الخاصية ما يكون عنهما ذلك، ولا يُستبعد هذا، فقد حكى أبو الفرج ابن
الجوزيّ في كتابه المسمى بـ "كشف المُشْكِل لِمَا في الصحيحين": أن بعراق