[الأعراف: 158]، وقال: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54]، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في بيان اختلاف أهل العلم في حكم قتل الحيّات:

قال الإمام أبو عمر بن عبد البرّ -رحمه الله-: اختَلَف العلماء في قتل الحيات

جملةً، فقال منهم قائلون: تُقتل الحيات كلها، في البيوت، والصحاري، في

المدينة، وغير المدينة، لم يستثنوا منها نوعًا، ولا جنسًا، ولا استثنوا في قتلهنّ

موضعًا.

قال: ومن حجتهم حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه

قال: "من قتل حية، فكأنما قتل كافرًا"، ولم يخصّ حية من حية، وحديث ابن

مسعود، عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "من ترك الجنّان، فلم يقتلهنّ مخافة

ثأرهنّ، فليس منّا".

ومن حجتهم أيضًا ما مضى من الأحاديث في "كتاب الحجّ" في قتل

الحية في الحلّ والحَرَم.

قالوا: ففي هذه الأحاديث، ونحوها قتل الحيات جملةً، ذي الطفيتين

وغيره.

وقال آخرون: لا يُقتل من الحيات ما كان في البيوت بالمدينة خاصّة،

إلا أن يُنذر ثلاثًا، وما كان في غيرها فيُقتل في البيوت وغير البيوت، ذا

الطفيتين كان أو غيره.

ومن حُجّتهم حديث أبي سعيد الخدريّ، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن نفرًا من

الجنّ بالمدينة أسلموا، فإذا رأيتم أحدًا منهم فحذِّروه ثلاثة أيام، ثم إن بدا لكم

بعد ذلك فاقتلوه".

وعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن لهذه البيوت عوامر،

فإذا رأيتم منها شيئًا، فتعوّذوا منه، فإن عاد فاقتلوه".

قال أبو عمر -رحمه الله-: وهذا يَحْتَمِل أن يكون إشارة إلى بيوت المدينة، وهو

الأظهر، ويَحْتَمِل أن يكون إلى جنس البيوت، والله أعلم.

وقال آخرون: لا تُقتل حيات البيوت بالمدينة، ولا بغيرها، حتى تُؤْذَن،

فإن عادت قُتلت.

ومن حُجّتهم حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه -رضي الله عنه-: أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015