"مصنّفه" (19616)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 9 و 121 و 3/ 452)،

و(الحميديّ) في "مسنده" (620)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (5638)،

و(الطبرانيّ) في "الكبير" (5/ 30)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (9/ 372)،

و(البغويّ) في "شرح السنّة" (3262 و 3263)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان الأمر بقتل الحيّات كلها، إلا أنه نُسخ فيما عدا ذا

الطفيتين، والأبتر.

2 - (ومنها): بيان النهي عن قتل الحيات التي في البيوت إلا بعد

الإنذار، إلا أن يكون أبتر، أو ذا طفيتين، فيجوز قتله بغير إنذار، ووقع في

حديث أبي سعيد الآتي عند مسلم الإذن في قتل غيرهما بعد الإنذار، وفيه:

"فإن ذهب، وإلا فاقتلوه، فإنه كافر"، قال القرطبيّ: والأمر في ذلك للإرشاد،

نَعَم ما كان منها محقَّق الضرر وَجَب دَفْعه. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: أراد القرطبيّ أن الأمر ليس للوجوب، وفيه

نَظَر، إذ هو للوجوب ما لم يصرفه صارف، ولا صارف هنا، ولا سيّما وقد

جاء الوعيد في تَرْك قتلها، فقد أخرج ابن حبّان في "صحيحه"، عن ابن

عمر -رضي الله عنهما- في هذا الحديث، وفيه: "فمن وجد ذا الطفيتين والأبتر، فلم يقتلهما،

فليس منّا"، وهو حديث صحيح، وفيه وعيد شديد، فالحقّ أن الأمر للوجوب،

والله تعالى أعلم.

3 - (ومنها): أن فيه بيان تفاوت الصحابة ومَنْ بعدهم في نقل السنّة، فقد

حفظ أبو لبابة، أو زيد بن الخطّاب -رضي الله عنهما- ما لم يحفظه ابن عمر -رضي الله عنهما- مع كثرة

أحاديث، وقلّة حديث هذين، فدلّ على أن السنّة لا يجمعها أحد ولو كان

أحفظ أهل الأرض، فالواجب على العاقل إذا صحّ لديه حديث أن يتمسّك به،

ولا يتجمّد على تقليد رأي بعض الأئمة المخالف لذلك، فإن ذلك الإمام ما

خالفه إلا لأنه لم يصل إليه، فيا أيها المقلّدون عليكم باتّباع السنّة الصحيحة

أينما وجدتموها، وافقت مذهبكم، أم خالفت، فإن الله -عز وجل- أوجب اتّباع

السنّة، ولم يوجب تقليد أيّ أحد غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال الله تعالى: {فَآمِنُوا

بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015