يصيب أحدهما نكبة إلا أصاب الآخر، وحتى لا يفعل هذا شيئًا إلا والآخر
يفعل مثله، وليس في العالم اثنان هذا صفتهما.
قالوا: ومن المحال أن يوجد مولودان في العالم في وقت واحد، ولا بدّ
أن يتقدّم أحدهما على الآخر، فيقال: أمحال ذلك في العقل والتقدير، أم في
الوجود؟ فإن قالوا: بالأول بانَ فساد قولهم، وإن قالوا بالثاني قيل: وما
يؤمّنكم منه؟ .
فإن قالوا: ليس أمر الكسوفين يصدق، قلنا: ليس أمر الكسوفين من
الأحكام، وإنما هو من طريق الحساب، وذلك غير منكَر، ويجوز أن يكون أمر
سَيْر الكواكب على ما قالوه، وقد ورد في الشريعة في أمر الكسوفين أنه آية من
آيات الله.
فإن قالوا: فما قولكم في المنجّمين، إنهم مخطئون في جميع ما
يحكمون، مكابرون للعقول؟ .
قلنا: إنا نقول: إنهم مخطئون في أصولهم عن شُبَهٍ وقعت لهم، فلا
يعرفون بطلان قولهم مكابرةً للعقول، ولا بالضرورة، بل جزموا على مقتضى
قواعد بَنَوْها على أصول فاسدة وقعت الشبهة لسلفهم في أصول قواعدهم،
فربّما يصيبون في تركيب الفروع على تلك الأصول، فمنزلتهم في الأحكام
كمنزلة أصحاب الحدس والتخمين، وأصحاب الزوج والفرد، فربّما يصيبون
اتّفاقًا، لا عن ضرورة، وربّما يُخطئون، وكثيرًا ما نجد من الفلّاحين والملّاحين
يعتبرون نوع ما اعتادوا من توقّع المطر، وهبوب الريح في أوقات راعوها
بدلالات ادّعوا أنهم جرّبوها في السماء والهواء، وغير ذلك، فيحصل بعض
أحكامهم اتّفاقًا، لا تحقيقًا. انتهى منقولًا من "الكاشف" للطيبيّ -رحمه الله- (?)، والله
تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّل الكتاب قال:
[5806] ( ... ) - (وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدَّثَنَا الْوَليدُ بْنُ مُسْلِم،
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍ والأَوْزَاعِيُّ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ، قَالَا: أَخْبَرنا