(يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ) بفتح اللام، وكسر الموحّدة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم
مهملة، (ابْنُ الأَعْصَمِ) - بوزن أحمر، بمهملتين - ووقع في رواية ابن عيينة عند
البخاريّ: "رجلٌ من بني زُريق، حليف اليهود، وكان منافقًا"، ويُجمع بينهما
بأن من أطلق أنه يهوديّ نظر إلى ما في نفس الأمر، ومن أطلق عليه منافقًا نظر
إلى ظاهر أمره.
وقال ابن الجوزيّ: هذا يدلُّ على أنَّه كان أسلم نفاقًا، وهو واضح، وقد
حَكَى عياض في "الشفاء" أنه كان أسلم، وَيحْتَمِل أن يكون قيل له: يهوديّ؛ لكونه
كان من حلفائهم، لا أنه كان على دينهم، وبنو زُريق بطن من الأنصار مشهور،
من الخزرج، وكان بين كثير من الأنصار، وبين كثير من اليهود قبل الإسلام
حِلْفٌ، وإخاء، ووُدّ، فلما جاء الإسلام، ودخل الأنصار فيه تبرؤوا منهم (?).
[تنبيه]: قد بَيّن الواقديّ السَّنة التي وقع فيها السحر للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أخرجه
عنه ابن سعد بسند له إلى عمر بن الحكم مرسلًا، قال: لما رجع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
من الحديبية في ذي الحجة، ودخل المحرَّم من سنة سبع جاءت رؤساء اليهود
إلى لَبيد بن الأعصم، وكان حليفًا في بني زُريق، وكان ساحرًا، فقالوا له: يا
أبا الأَعصم أنت أسحرنا، وقد سحرنا محمدًا، فلم نصنع شيئًا، ونحن نجعل
لك جُعْلًا على أنَّ تسحره لنا سحرًا ينكؤه، فجعلوا له ثلاثة دنانير.
ووقع في رواية أبي ضمرة، عند الإسماعيليّ: فأقام أربعين ليلةً، وفي
رواية وهيب، عن هشام عند أحمد: ستة أشهر.
ويمكن الجمع بأن تكون الستة أشهر من ابتداء تغير مزاجه، والأربعين
يومًا من استحكامه، وقال السهيليّ: لَمْ أقف في شيء من الأحاديث المشهورة
على قدر المدة التي مكث النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها في السحر، حتى ظَفِرت به في "جامع
معمر" عن الزهريّ أنه لبث ستة أشهر، قال الحافظ: كذا قال، وقد وجدناه
موصولًا بإسناد الصحيح، فهو المعتمد.
(قَالَتْ: حَتى كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ، وَمَا يَفْعَلُهُ)
قال المازريّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?): أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث، وزعموا أنه يَحُطّ