وقال المناويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "العين حقّ"؛ أي: الإصابة بالعين حقّ؛ أي: كائن
يُقضَى به في الوضع الإلهيّ، لا شبهة في تأثيرها في النفوس فضلًا عن الأموال،
وذلك لأنَّ بعض النفوس الإنسانية يثبت لها قوّة، هي مبدأ الأفعال الغريبة،
ويكون ذلك إما حاصلًا بالكسب؛ كالرياضة، وتجريد الباطن عن العلائق،
وتذكيته، فإنه إذا اشتدّ الصفاء، والذكاء، حصلت القوّة المذكورة، كما يحصل
للأولياء، أو بالمزاج، والإصابةُ بالعين يكون من الأول والثاني، فالمبدأ فيها
حالة نفسانية، مُعْجَبَةٌ، تُنهك المتعجَّب منه بخاصيّة خلق الله تعالى في ذلك المزاج
على ذلك الوجه؛ ابتلاءً من الله تعالى للعباد؛ ليتميز المحقّ من غيره. انتهى (?).
[تنبيه]: زاد في رواية البخاريّ: "ونهى عن الوشم"، قال في "الفتح": لَمْ
تظهر المناسبة بين هاتين الجملتين، فكأنهما حديثان مستقلان، ولهذا حذف
مسلم، وأبو داود الجملة الثانية من روايتهما، مع أنهما أخرجاه من رواية
عبد الرزاق الذي أخرجه البخاريّ من جهته.
وَيحْتمِل أن يقال: المناسبة بينهما اشتراكهما في أن كلًّا منهما يُحدِث في
العضو لونًا غير لونه الأصليّ.
و"الوشم": بفتح الواو، وسكون الشين المعجمة أن تُغْرَز إبرةٌ، أو نحوها
في موضع من البدن، حتى يسيل الدم، ثم يُحْشَى ذلك الموضع بالكحل، أو
نحوه، فيَخْضَرّ.
قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقد ظهرت لي مناسبة بين هاتين الجملتين لَمْ أر من
سبق إليها، وهي أن من جملة الباعث على عمل الوشم تغير صفة الموشوم؛ لئلا
تصيبه العين، فنَهَى عن الوشم، مع إثبات العين، وأن التحيّل بالوشم وغيره مما
لا يَستند إلى تعليم الشارع لا يفيد شيئًا، وأن الذي قدّره الله سيقع. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم حكم الوشم في "كتاب اللباس" "باب
تحريم فعل الواصلة، والمستوصلة، والواشمة، والمستوشمة" برقم [32/
5559] (2124)، ولله الحمد والمنّة.