بألف مقصورة ثابتة في الخط صورة ياء، وتسقط في اللفظ؛ لالتقاء الساكنين،
وهو بلفظ الخبر، ومعناه النهي، وفي بعض النسخ: "يَتَناجَ" بجيم فقط، بلفظ
النهي، وبمعناه (?).
وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: قوله: "فلا يتناجى اثنان" الرواية المشهورة فيه:
"يتناجى" بألف مقصورة ثابتة في الخط، غير أنَّها تسقط في اللفظ؛ لالتقاء
الساكنين، فهو خبر عن المشروعية، ويتضمن النهي عن ذلك، وقد وقع في
بعض النسخ: "فلا يتناج" بغير ألف، على النهي، وهي واضحة. انتهى (?).
والتناجي: تفاعلٌ من المناجاة، وهي الْمُسَارّة، والتحادُثُ سرّاً، وانتجى
القومُ، وتناجوا؛ أي: سَارَّ بعضهم بعضًا.
وزاد أيوب، عن نافع في رواية للبخاريّ: "فإن ذلك يحزنه"، وهي عند
مسلم في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - الآتي في الباب، ولفظه: "إذا كنتم ثلاثةً فلا
يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن يحزنه"، وفي رواية:
"إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما، فإن ذلك يحزنه"، قال أهل
اللغة: يقال: حَزَنه، وأحزنه، وقُرئ بهما في السبع.
(دُونَ وَاحِدٍ) وفي حديث ابن مسعود: "دون الآخر"، وفي لفظ: "دون
صاحبهما".
وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: وقد زاد في الرواية الأخرى زيادة حسنة، فقال:
"حتى يختلطوا بالناس"، فبيَّن غاية المنع، وهو أن يجد الثالث من يتحدث
معه، كما فعل ابن عمر - رضي الله عنهما -، وذلك أنه كان يتحدث مع رجل، فجاء آخر يريد
أن يناجيه، فلم يناجه حتى دعا رابعاً، فقال له وللأول: تأخّرا، وناجى الرجل
الطالب للمناجاة، وقد نبَّه في هذه الزيادة على التعليل بقوله: "فإنَّ ذلك
يحزنه"؛ أي: يقع في نفسه ما يحزن لأجله، وذلك بأن يقدِّر في نفسه أن
الحديث عنه بما يَكْرَه، أو أنهم لم يروه أهلا ليشركوه في حديثهم إلى غير ذلك
من ألقيات الشيطان، وأحاديث النفس، وحصل ذلك كله من بقائه وحده، فإذا