قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم هذا الإسناد نفسه قريبًا برقم [33/
5570] (2128) فلا حاجة إلى إعادته، و"جرير" هو: ابن عبد الحميد،
و"سُهيل" هو: ابن أبي صالح ذكوان السمّان.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أنه (قَالَ: (مَن) - بفتح الميم-
شرطيّة مبتدأ، وقد اختلف النحاة في خبرها، فقيل: فعلُ شرطها، وقيل:
جوابها، وقيل: هما معا، وقيل: لا خبر لها؛ استغناء بجوابها. (اطَّلعَ) بالبناء
للفاعل، (فِي بَيْتِ قَوْم بغَيْرِ إِذْنِهِمْ) احترز به عما لو أُذن له بالاطلاع فلا جناح
عليه، (فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ) لَأهل البيت، (أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ")؛ أي: يقلعوها، قال
المجد رحمه الله: فقأ العين، والْبَثْرةَ، ونحوهما، كمَنَعَ: كسَرَها، أو قَلَعها، أو
بَخَقَها، كفقّأها، فانفقأت، وتفقأت. انتهى (?).
وفي الرواية التالية: "لَوْ أن رَجُلًا اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ،
فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ"، ولفظ البخاريّ: "لم يكن عليك
جُناح"، والمراد بالجناح هنا: الحرج، وقد أخرجه ابن أبي عاصم من وجه
آخر، عن ابن عيينة، بلفظ: "ما كان عليك من حرج"، ومن طريق ابن
عجلان، عن أبيه، عن الزهريّ، عن أبي هريرة: "ما كان عليك من ذلك من
شيء".
وفي قوله في هذه الرواية: "فقد حلّ لهم أن يفقؤا عينه" رَدٌّ على من
حمل الجُناح في الرواية الثانية على الإثم، ورَتَّب على ذلك وجوب الدية؛ إذ
لا يلزم من رفع الإثم رفعها؛ لأن وجوب الدية من خطاب الوضع، ووجه
الدلالة أن إثبات الحلّ يمنع ثبوت القصاص والدية.
وورد من وجه آخر عن أبي هريرة، أصرح من هذا، عند أحمد، وابن
أبي عاصم، والنسائيّ، وصححه ابن حبان، والبيهقيّ، كلهم من رواية بَشِير بن
نَهِيك، عنه، بلفظ: "من اطَّلَع في بيت قوم بغير إذنهم، ففقؤا عينه، فلا دية،