وإنما فُضّلا على سائر الأسماء لأنَّ الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - له الأسماء الحسني، وهذان
الاسمان يشتملان على معاني الأسماء كلها، ولذلك لَمْ يتسمَّ بأحدهما أحد
غير الله، وما ورد من: رحمان اليمامة؛ فذاك مضاف إلى اليمامة، والمطلق منه
عن الإضافة منزَّه عن القول بالاشتراك، وأما هذيان شاعر بني حنيفة بقوله
[من الطويل]:
سَمَوْتَ بِالْمَجْدِ يَا ابْنَ الأَكْرَمَيْنِ أَبًا ... وَأَنْتَ غَيْثُ الْوَرَى لَا زِلْتَ رَحْمَانَا
فمِنْ تعنَّتهم وغلوّهم في الكفر، وقد هجاه بعضهم بقوله:
سَمَوْتَ بِالْخُبْثِ يَا ابْنَ الأَخْبَثَيْنِ أَبًا ... وَأَنْتَ شَرّ الْوَرَى لَا زِلْتَ شَيْطَانًا
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يلتحق بهذين الاسمين ما كان مثلهما؛ كعبد الرحيمْ،
وعبد الملك، وعبد الصمد، صوانما كانت أحب إلى الله؛ لأنَّها تضمنت ما هو
وصف واجب لله، وما هو وصف للإنسان، وواجب له، وهو العبودية، ثم
أضيف العبد إلى الرب إضافة حقيقية، فصدقت أفراد هذه الأسماء، وشَرُفت
بهذا التركيب، فحصلت لها هذه الفضيلة.
وقال غيره: الحكمة في الاقتصار على الاسمين أنه لَمْ يقع في القرآن
إضافة عبد إلى اسم من أسماء الله تعالى غيرهما، قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ}
[الجن: 19]، وقال في آية أخرى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} [الفرقان: 63]
، ويؤيده قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110] وقد
أخرج الطبراني من حديث أبي زهير الثقفيّ، رفعه: "إذا سمّيتم فعَبِّدوا"، ومن
حديث ابن مسعود، رفعه: (أحب الأسماء إلى الله ما تُعُبِّد به"، وفي إسناد كلّ
منهما ضَعف، قاله في "الفتح" (?).
قال الجامع عفا الله عنه: أما حديث: "أحب الأسماء إلى الله ما تُعُبِّد له،
وأصدق الأسماء همام، وحارث"، رواه الطبرانيّ عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، فحديث
واه، قال الهيثميّ في "المجمع": فيه محمد بن محصن العكاشيّ متروك.
انتهى (?)، وقال في "التقريب": كذّبوه، وقال الشيخ الألبانيّ: حديث موضوع (?).