النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن يُجْمَع بين اسمه وكنيته، وقال: أنا أبو القاسم، الله يعطي،
وأنا أقسم"، قال أبو داود: واختُلِف على عبد الرَّحمن بن أبي عمرة، وعلى
أبي زرعة بن عمرو، وموسى بن يسار، عن أبي هريرة، على الوجهين.
قال الحافظ: وحديث ابن أبي عمرة أخرجه أحمد، وابن أبي شيبة، من
طريقه، عن عمه، رفعه: "لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي".
وأخرج الطبرانيّ من حديث محمد بن فَضالة، قال: "قَدِم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
المدينة، وأنا ابن أسبوعين، فأتي بي إليه، فمسح على رأسي، وقال: سمّوه
باسمي، ولا تكنوه بكنيتي".
ورواية أبي زرعة عند أبي يعلي، بلفظ: "من تسمى باسمي، فلا يكتنى
بكنيتي".
واحتُجّ للمذهب الثاني بما أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد"، وأبو
داود، وابن ماجة، وصححه الحاكم، من حديث عليّ، قال: قلت: يا
رسول الله، إن وُلد لي من بعدك ولد أسميه باسمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال:
"نعم"، وفي بعض طرقه: "فسمّاني محمدًا، وكناني أبا القاسم"، وكان رخصةً
من النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعليّ بن أبي طالب، قال الحافظ: روينا هذه الرخصة في "أمالي
الجوهري"، وأخرجها ابن عساكر في الترجمة النبوية من طريقه، وسندها قويّ،
قال الطبريّ: في إباحة ذلك لعليّ، ثم تكنيه على ولده أبا القاسم إشارة إلى أن
النهي عن ذلك كان على الكراهة، لا على التحريم، قال: ويؤيد ذلك أنه لو
كان على التحريم لأنكره الصحابة، ولَمَا مَكَّنُوه أن يَكْني ولده أبا القاسم
أصلًا، فدلَّ على أنَّهم إنما فَهِموا من النهي التنزيه.
وتُعُقِّب بأنه لَمْ ينحصر الأمر فيما قال، فلعلهم علموا الرخصة له دون
غيره، كما في بعض طرقه، أو فهموا تخصيص النهي بزمانه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا أقوى؛
لأنَّ بعض الصحابة سَمَّى ابنه محمدًا، وكناه أبا القاسم، وهو طلحة بن
عبيد الله، وقد جزم الطبرانيّ أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو الذي كناه، وأخرج ذلك من
طريق عيسى بن طلحة، عن ظئر محمد بن طلحة، وكذا يقال لكنية كلّ من
المحمدين: ابن أبي بكر، وابن سعد، وابن جعفر بن أبي طالب، وابن
عبد الرَّحمن بن عوف، وابن حاطب بن أبي بلتعة، وابن الأشعث بن قيس، أبو