التكني بأبي القاسم مطلقًا، ثم ساق من طريق سالم بن أبي الجعد: "كتب
عمر: لا تُسَمُّوا أحدًا باسم نبيّ"، واحتُجّ لصاحب هذا القول بما أخرجه من
طريق الحكم بن عطية، عن ثابت، عن أنس، رفعه: "يُسَمُّونهم محمدًا، ثم
يلعنونهم"، وهو حديث أخرجه البزار، وأبو يعلى أيضًا، وسنده لَيِّن، قال
عياض: والأشبه أن عمر إنما فعل ذلك إعظامًا لاسم النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لئلا يُنتهك،
وقد كان سمع رجلًا يقول لمحمد بن زيد بن الخطاب: يا محمد فعل الله بك،
وفعل، فدعاه، وقال: لا أرى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَبّ بك، فغيّر اسمه، أخرجه
أحمد، والطبرانيّ من طريق عبد الرَّحمن بن أبي ليلى: "نَظَرَ عمر إلى ابن
عبد الحميد، وكان اسمه محمدًا، ورجل يقول له: فعل الله بك يا محمد،
فأرسل إلى ابن زيد بن الخطاب، فقال: لا أرى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَبّ بك،
فسمّاه عبد الرَّحمن، وأرسل إلى بني طلحة، وهم سبعة ليغيّر أسماءهم، فقال
له محمد - وهو كبيرهم -: والله لقد سماني النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محمدًا، فقال: قوموا،
فلا سبيل إليكم"، فهذا يدلّ على رجوعه عن ذلك.
وحَكَى غيره مذهبًا خامسًا، وهو المنع مطلقًا في حياته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والتفصيل
بعده بين من اسمه محمد وأحمد فيمتنع، وإلا فيجوز.
وقد ورد ما يؤيد المذهب الثالث الذي ارتضاه الرافعيّ، ووَهّاه النوويّ،
وذلك فيما أخرجه أحمد، وأبو داود، وحسنه الترمذيّ، وصححه ابن حبان،
من طريق أبي الزبير، عن جابر، رفعه: "من تسمى باسمي، فلا يَكتني بكنيتي،
ومن اكتنى بكنيتي، فلا يتسمى باسمي"، لفظ أبي داود، وأحمد، من طريق
هشام الدّستوائيّ، عن أبي الزبير، ولفظ الترمذيّ، وابن حبان، من طريق
حسين بن واقد، عن أبي الزبير: "إذا سمّيتم بي، فلا تكنوا بي، وإذا كنيتم
بي، فلا تسمّوا بي"، قال أبو داود: ورواه الثوريّ، عن ابن جريجٍ، مثل رواية
هشام، ورواه مَعْقِل، عن أبي الزبير، مثل رواية ابن سيرين، عن أبي هريرة،
قال: ورواه محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، مثل رواية أبي
الزبير.
قال الحافظ: ووَصَله البخاريّ في "الأدب المفرد"، وأبو يعلي، ولفظه:
"لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي"، والترمذيّ من طريق الليث عنه، ولفظه: "أن