قال القرطبيّ: ولا بُعد في إرادة القَدْر المشتَرك بين هذين النوعين؛ إذ كلّ
واحد منهما عُرُوٌّ؛ إنَّما يختلفان بالإضافة. انتهى (?).
وقال المازريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه ثلاث أوجه: كاسيات من نعم الله، عاريات من
الشكر، أو كاسيات لبعض أجسادهنّ، عاريات لبعضه؛ إظهارًا للجمال، أو
لابسات ثيابًا رِقاقًا تَصِف ما تحتها (?).
(مُمِيلَاتٌ) لغيرهنّ، (مَائِلَاتٌ) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: كذا جاءت الرواية في
هاتين الكلمتين بتقديم: "مميلات" على "مائلات"، وكلاهما من المَيْل، بالياء
باثنتين من تحتها، ومعنى ذلك: أنهن يَمِلْن في أنفسهنّ تثنيًا، ونعمة، وتصنعًا؛
ليُمِلن إليهن قلوب الرجال، فيميلوا إليهنّ، ويفتنَّهم، وعلى هذا فكان حقّ
"مائلات" أن يتقدم على "مميلات"؛ لأنَّ ميلهنّ في أنفسهن مقدَّم في الوجود
على إمالتهن، وصحَّ ذلك؛ لأنَّ الصفات المجتمعة لا يلزم ترتيبها، ألا ترى
أنَّها تُعْطَف بالواو، والواو جامعة، غير مترتبة، إلَّا أن الأحسن تقديم "مائلات"
على "مميلات"؛ لأنَّه سببه، كما سبق.
وقد أبعد أبو الوليد الوقشيّ حيث قال: إن صوابه: "الماثلة" بالثاء
المثلثة؛ يعني: الظاهرة، وقال: لا معنى للمائلة هنا، قال القرطبيّ: وتَرْك هذا
الصواب هو الصواب. انتهى (?).
وقال المازريّ نىَءإلنهُ: مائلات عن طاعة الله، وما يلزمهنّ من حفظ
فروجهنّ، مميلات غيرهنّ إلى مثل فعلهنّ، وقيل: مائلات متبخترات في
مشيهنّ، مميلات أكتافهنّ، وأعطافهنّ، وقيل: مائلات يَمشُطن المشطة الميلاء،
وهي مشطة النعايا، مميلات غيرهنّ إلى تلك المشطة، قال عياض: استشهد
ابن الإنباريّ على المشطة الميلاء بقول امرئ القيس [من الطويل]:
غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إِلَى الْعُلَى ... يَضِلُّ الْعِقَاصُ فِي مُثنًّى وَمُرْسَلِ
يدلّ على أنَّ المشطة ضفر الغدائر، وشدّها فوق الرأس، فتأتي كأسنمة
البُخْت، وهذا يدلّ على أنَّ التشبيه بأسنمة البخت إنما هو بارتفاع الغدائر فوق