إحدى التاءين، وقال الكرماني: "وتوسدها" من التوسيد، وُيروَى: من التوسد.
انتهى (?). (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذ الصُّوَرِ) الحيوانية، الذين
يصنعونها يضاهئون بها خلق الله (يُعَذَّبُونَ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا) بقطع الهمزة،
وضمّ الياء، من الإحياء، (مَا خَلَقْتُمْ")؛ أي: صَوّرتم كصورة الحيوان، والأمر
فيه للاستهزاء والتعجيز؛ لأنهم لا يقدرون على نفخ الروح في الصورة التي
صَوَّروها، فيدوم تعذيبهم.
وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم" فهو الذي
يسمِّيه الأصوليون أمر تعجيز؛ كقوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} الآية
[هود: 13]. انتهى (?).
وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الآتي في الباب: "مَن صَوّر صورة في الدنيا
كُلِّف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ"؛ أي: أبدًا فهو معذَّب
دائمًا؛ لأنه جُعِل غاية عذابه إلى أن يَنفخ فيها الروح، وأخبر أنه ليس بنافخ،
وهذا يقتضي تخليده في النار، لكنه في حقّ مَن كَفَر بالتصوير، أما غيره وهو
العاصي الذي يفعل ذلك غير مستحلّ له، ولا قاصدًا أن يُعبد، فيعذَّب إن لم
يُعْفَ عنه عذابًا يستحقّه، ثم يخلص منه، أو المراد به: الزجر الشديد بالوعيد
بعقاب الكافر؛ ليكون أبلغ في الارتداع، وظاهره غير مراد، إلا أنّ حَمْله على
الأول أَولى.
ثم إن أَمْره بالإحياء، وقوله: "كُلِّف" لا ينافي أن الآخرة ليست دار
تكليف؛ لأن المنفي تكليف عمل يترتب عليه ثواب، أو عقاب، فاما مثل هذا
التكليف فلا يمتنع؛ لأنه نفسه عذاب، ذكره الزرقانيّ (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: ليست دار تكليف فيه نظر، ذكرناه في غير
هذا الموضع، فتنبّه.
(ثثَم قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- " (إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ) الحيوانية؛ إذ لا بأس بصورة
الأشجار، والجبال، ونحو ذلك لقول ابن عباس لرجل -كما سيأتي في