يستفاد منه: أن الصور لا يجوز اتخاذها في الثياب، وإن كانت ممتهَنة، وهو
أحد القولين كما قدمناه. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أن القول بإباحة الصور الممتهنة هو
الأرجح؛ لصحّة الحديث بذلك، وأبعدَ من أوّله بصور غير ذوات الأرواح؛
لأن سياق الحديث يُبطله، فتنبّه، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى
سواء السبيل.
(فِيهَا تَصَاوِيرُ)؛ أي: تماثيل حيوان، (فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَامَ عَلَى
الْبَابِ، فَلَمْ يَدْخُلْ) الحجرة، زاد في رواية للبخاريّ: "وجعل يتغير وجهه"،
(فَعَرَفْتُ) بالبناء للفاعل، (أَوْ) للشكّ من الراوي، (فَعُرِفَتْ) بالبناء للمفعول،
(فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةُ) بالنصب على الضبط الأول، وبالرفع على الضبط الثاني،
وقال الزرقانيّ: "الكراهية" بكسر الهاء، وخفّة الياء، وفي رواية بفتح الهاء،
وإسقاط الياء (?). (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أتوبُ إِلَى اللهِ) عز وجل (وَإِلَى رَسُولِهِ) -صلى الله عليه وسلم-
قال في "الفتح": يُستفاد منه جواز التوبة من الذنوب كلّها إجمالًا، وإن لم
يستحضر التائب خصوص الذنب الذي حَصَلت به مؤاخذته. أنتهى (?).
وقال الطيبيّ رَحِمَهُ اللهُ: فيه حُسن أدبٍ من الصدّيقة -رضي الله عنها-، حيث قَدّمت التوبة
على اطلاعها على الذنب، ونحوه قوله تعالى: عَفَا اللهُ {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}
الآية [التوبة: 43] قدّم العفو تلطّفًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بدأ بالعفو قبل إبداء الذنب،
كما قدّمَتِ التوبةَ على عرفان الذنب، ومن ثَمّة قالت: ، فماذا أذنبت؟ "؛ أي: ما
اطلعت على ذنب، ومن ثَمّ حَسُن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما بال هذه النمرقة؟ ". انتهى (?).
(فَمَاذَا أَذْنَبْتُ؟ )؛ أي: حيث قمتَ على الباب، ولم تدخل البيت،
وعرفت الكراهية في وجهك، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟ ")؛
أي: ما حالها، وما شانها، فيها تماثيل؟ (فَقَالَت: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ)؛ أي: لأجل
أن تنتفع بها، وذلك أنك (تَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَتَوَسَّدُهَا) أصله: تتوسدها، فحُذفت