رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا بَالُ هَذ النُّمْرُقَةِ؟ "، فَقَالَت: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ تَقْعُدُ عَلَيْهَا،
وَتَوَسَّدُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِن أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ، وَيُقَالُ لَهُمْ:
أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ"، ثُمَّ قَالَ: "إِن الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ، لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَاِئكَةُ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (مَالِكُ) بن أنس إمام دار الهجرة، تقدّم قريبًا.
2 - (نَافِعٌ) مولى ابن عمر المدنيّ المشهور، تقدّم أيضًا قريبًا.
والباقون ذُكروا في الباب.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) -رضي الله عنها- (أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرَقَةً) بضمّ النون والراء، وبكسرهما،
وبضم النون، وفتح الراء، ثلاث لغات: الوسادة الصغيرة، وقال في "الفتح":
النمرقة بفتح النون، وسكون الميم، وضمّ الراء، بعدها قاف، كذا ضبطها
القزّاز وغيره، وضبطها ابن السِّكِّيت بضمّ النون أيضًا، وبكسرها، وكسر الرأء،
وقيل: في النون الحركات الثلاث، والراء مضمومة جزمًا، والجمع نمارق،
وهي الوسائد التي يُصَفّ بعضها إلى بعض، وقيل: النمرقة الوسادة التي يُجلس
عليها. انتهى (?).
وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قول عائشة: "اشترت نمرقة فيها تصاوير" يجوز أن
تكون أرادت بالنمرقة هنا: الستر الذي تقدَّم ذكره، وسَمَّته نمرقة؛ لأنَّه آل أمره
إلى النمرقة، كما يُسمى العنب خمرًا بمآله، والنَّمارق في أصل الوضع:
الوسائد، والمرافق، ومنه قوله تعالى: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15)} [الغاشية: 15].
وقال الشاعر [من الطويل]:
كُهُولٌ وَشُبَّانٌ حِسَانٌ وُجُوهُهُمْ ... عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَنَمَارِقِ
غير أن هذا التأويل يُبعده قولها في بقية الخبر، لمّا قال لها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-:
"ما بال هذه النَّمرقة؟ "، فقالت مجيبة: "اشريتها لك، تقعد عليها، وتوسدها"،
فهذا يصرّح بأن هذه النَّمرقة غير السِّتر، وأن هذا حديث آخر غير ذلك، وحينئذ