وقال أبو الوليد ابن رشد في مختصر مشكل الطحاويّ ما حاصله: إن

الوعيد بهذه الصيغة إن ورد في حقّ كافر فلا إشكال فيه؛ لأنه يكون مشتركًا في

ذلك مع آل فرعون، ويكون فيه دلالة على عِظَم كُفْر المذكور، وإن ورد في حقّ

عاص، فيكون أشدّ عذابًا من غيره من العصاة، ويكون ذلك دالًّا على عِظَم

المعصية المذكورة.

وأجاب القرطبيّ في "المفهم" بأن الناس الذين أضيف إليهم "أشدّ" لا

يراد بهم كل الناس، بل بعضهم، وهم من يشارك في المعنى المتوعَّد عليه

بالعذاب، ففرعون أشدّ الناس الذين ادَّعوا الإلهية عذابًا، ومن يقتدي به في

ضلالة كفره أشدّ عذابًا ممن يقتدي به في ضلالة فسقه، ومن صَوَّر صورة ذات

روح للعبادة أشدّ عذابًا ممن يصورها لا للعبادة.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا التوجيه الذي ذكره القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ عندي

أقرب، وأرجح في رفع الإشكال المذكور، والله تعالى أعلم.

قال: واستُشكل ظاهر الحديث أيضًا لإبليس، وبابن آدم الذي سنّ القتل.

وأجيب بأنه في إبليس واضح، ويجاب بأن المراد بالناس من يُنسب إلى

آدم، وأما في ابن آدم، فأجيب بأن الثابت في حقه أن عليه مثل أوزار من

يقتل ظلمًا، ولا يمتنع أن يشاركه في مثل تعذيبه من ابتدأ الزنا مثلًا، فإن

عليه مثل أوزار من يزني بعده؛ لأنه أول من سنّ ذلك، ولعل عدد الزناة أكثر

من القاتلين. انتهى ما في "الفتح" (?)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى

أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رَحِمَهُ اللهُ أوّل الكثاب قال:

[5514] ( ... ) - (وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي

يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَن عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-

دَخَلَ عَلَيْهَا، بِمِثْلِ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ أَهْوَى إِلَى الْقِرَامِ،

فَهَتَكَهُ بِيَدِهِ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015