و (البيهقيّ) في "الكبرى" (7/ 269) و"شُعَب الإيمان" (5/ 188)، والله تعالى

أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): تحريم تصوير صورة الحيوان، قال النوويّ: هو حرام شديد

التحريم، وهو من الكبائر؛ لأنه متوعَّد عليه بهذا الوعيد الشديد، وسواء صنعه

لِمَا ئمْتَهن أم لغيره، فصُنعه حرام بكل حال، وسواء كان في ثوب، أو بساط،

أو درهم، أو دينار، أو فلس، أو إناء، أو حائط، أو غيرها، فاما تصوير ما

ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام.

قال في "الفتح": ويؤيد التعميم فيما له ظلّ، وفيما لا ظلّ له ما أخرجه

أحمد، من حديث عليّ -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيكم ينطلق إلى المدينة، فلا

يدع بها وَثَنًا إلا كسره، ولا صورة إلا لطخها؟ "؛ أي: طمسها، الحديث،

وفيه: من عاد إلى صنعة شيء من هذا فقد كفَر بما انزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-.

2 - (ومنها): ما قال الخطابيّ: إنما عَظُمَت عقوبة المصوِّر؛ لأن الصور

كانت تُعبد من دون الله، ولأن النظر إليها يَفتن، وبعض النفوس إليها تميل،

قال: والمراد بالصور هنا: التماثيل التي لها روح.

وقيل: يفرَّق بين العذاب والعقاب، فالعذاب يُطلق على ما يؤلم من

قول، أو فعل؛ كالعتب، والإنكار، والعقاب يختص بالفعل، فلا يلزم من كون

المصور أشدّ الناس عذابًا أن يكون أشدّ الناس عقوبة، هكذا ذكره الشريف

المرتضى في "الغرر".

وتُعُقِّب بآية: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46]، وعليها انبنى

الإشكال، ولم يكن هو عرّج عليها فلهذا ارتضى التفرقة، والله أعلم.

3 - (ومنها): أن مما يُستغرب استدلال أبي عليّ الفارسيّ في "التذكرة"

بالحديث على تكفير المشبِّهة، فحَمَل الحديث عليهم، وأنهم المراد بقوله:

"المصورون"؛ أي: الذين يعتقدون أن لله صورة.

قال الجامع عفا الله عنه: حَمْل الحديث عليهم عجيب، فإن سياق

الحديث بعيد منه كلّ البعد، قال الحافظ: وتُعُقِّب بحديث: "إن الذين يصنعون

هذه الصور يعذبون"، وبحديث: "إن أصحاب هذه الصور يعذبون"، وغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015