فحصل من مجموع هذه القرائن أن اتخاذ الثياب التي فيها التماثيل
محرَّم، رقمًا كان فيها، أو صنعًا، وهو مذهب ابن شهاب، فإنَّه منع الصور
على العموم، واستعمال ما هي فيه، ودخول البيت الذي هي فيه، رقمًا كانت،
أو غيره، في ثوب، أو حائط، يُمْتَهَن، أو لا يمتهن؛ تمسُّكًا بعمومات هذا
الباب، وبما ظهر من هذا الحديث.
وذهب آخرون: إلى جواز كل ما كان رقمًا في ثوب، يُمْتَهَن أو لا،
معلَّقًا كان أو لا، وهو مذهب القاسم بن محمد تمسُّكًا بحديث زيد بن خالد
حين قال: "إلا ما كان رقمًا في ثوب".
وذهب آخرون: إلى كراهة ما كان منها معلَّقًا، وغير ممتهَن؛ لأنَّ ذلك
مضاهاة لمن يعظم الصور، ويعبدها كالنصارى، وكما كانت الجاهلية تفعل.
والحاصل من مذاهب العلماء في الصور: أن كل ما كان منها ذا ظل
فصنعته، واتخاذه حرام، ومنكر يجب تغييره، ولا يُخْتَلَف في ذلك إلا ما ورد
في لعب البنات لصغار البنات، وفيما لا يبقى من الصور؛ كصور الفخار، ففي
كل ذلك منهما قولان، غير أن المشهور في لعب البنات، جواز اتخاذها
للرخصة في ذلك، لكن كَرِه مالك شراء الرجل لها لأولاده؛ لأنَّه ليس من
أخلاق أهل المروءات والفضل، غير أن المشهور فيما لا يبقى المنع، وأما ما
كان رقمًا، أو صبغًا مما ليس له ظل: فالمشهور فيه الكراهة. انتهى كلام
القرطبيّ رحمهُ اللهُ (?).
(فَجَذَبَهُ)؛ أي: مدّه -صلى الله عليه وسلم- بيده الشريفة (حَتَّى هَتَكَهُ)؛ أي: خرقه، يقال:
هَتَكَ زيد الستر هَتْكًا، من باب ضرب: خَرَقه، فَانْتَهَكَ، وقال الزّمخشريّ:
جَذَبه حتى نزعه من مكانه، أو شَقّه حتى يَظْهَر ما وراءه، وتَهَتَّكَ السِّترُ مثل
انْهَتَكَ، وهَتَكْتُ الثوبَ: شَقَقْتُهُ طُولًا، وهَتَكَ الله ستر الفاجرة: فضحه، قاله
الفيّوميّ (?).
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: وقولها: "فجذبه، حتى هتكه" يدلّ على أن ما صُنِع