محمد بن القاسم الحرّانيّ، ثنا محمد بن سلمة الحرّانيّ، ثنا هشام بن حسان،
عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: جاء أبو بكر - رضي الله عنه - بأبيه أبي قحافة
إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: "لو أقررت
الشيخ في بيته لأتيته تكرمة لأبي بكر"، فأسلم، ورأسه ولحيته؛ كالثُّغامة بياضاً،
فقال: "غَيِّروا هذا، وجنِّبوها السواد"، قال: إسناده صحيح. انتهى (?).
وله شاهد آخر من حديث أسماء بنت أبي بكر الصدّيق - رضي الله عنهما -، أخرجه
أحمد في "مسنده" بسند صحيح، قال:
(27001) - حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا يعقوب، قال: ثنا أبي، عن
ابن إسحاق قال: حدّثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن
جدّته أسماء بنت أبي بكر، قالت: لَمّا وَقَف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي طوى قال أبو
قحافة لابنة له من أصغر ولده: أي بُنَيّة أظهري بي على أبي قبيس، قالت: وقد
كُفّ بصره، قالت: فأشرفت به عليه، فقال: يا بُنَيّة ماذا ترين؟ قالت: أرى
سواداً مجتمعاً، قال: تلك الخيل، قالت: وأرى رجلاً يسعى بين ذلك السواد
مقبلاً ومدبراً، قال: يا بنية ذلك الوازع -يعني: الذي يأمر الخيل، ويتقدم
إليها- ثم قالت: قد والله انتشر السواد، فقال: قد والله إذاً دُفعت الخيل،
فأسرعي بي إلى بيتي، فانحطت به، وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته، وفي
عنق الجارية طَوْق لها من وَرِق، فتلقاها رجل، فاقتلعه من عنقها، قالت: فلما
دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، ودخل المسجد أتاه أبو بكر بأبيه يقوده، فلما رآه
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هلا تركت الشيخ في بيته، حتى أكون أنا آتيه فيه؟ " قال
أبو بكر: يا رسول الله هو أحقّ أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه، قال:
فاجْلَسه بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال له: أسلم، فأسلم، ودخل به أبو
بكر - رضي الله عنه - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورأسه كأنه ثُغامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "غَيِّروا
هذا من شَعْره"، ثم قام أبو بكر، فأخذ بيد أخته، فقال: أَنْشُدُ بالله وبالإسلام
طوق أختي، فلم يجبه أحد، فقال: يا أُخَيَّة احتسبي طوقك. انتهى (?).