أبو بكر الصدّيق ولده، كما بُيّن ذلك في حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "جاء
أبو بكر - رضي الله عنه - بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ". (بِأَبِي قُحَافَةَ) - بضم القاف،
وتخفيف الحاء المهملة-: هو والد أبي بكر الصدّيق - رضي الله عنهما -، واسمه: عثمان بن
عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، القرشيّ التيميّ، أمه آمنة بنت
عبد الْعُزَّى العدوية، عديّ قريش، وقيل: اسمها قَيْلة، قال الفاكهيّ: حدثنا ابن
أبي عمر، حدثنا سفيان، عن أبي حمزة الثُّمَاليّ، قال: قال عبد الله: لما خرج
النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الغار، ذهبت أستخبر، وأنظر هل أحد يخبرني عنه؟ فأتيت دار
أبي بكر، فوجدت أبا قحافة، فخرج عليّ، ومعه هِرَاوة، فلما رآني اشتدّ
نحوي، وهو يقول: هذا من الصُّبَاة الذي أفسدوا عليّ ابني. تأخر إسلامه إلى
يوم الفتح، فروى ابن إسحاق في "المغازي" بإسناد صحيح، عن أسماء بنت
أبي بكر، قالت: لما كان عام الفتح، ونزل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذا طوى، قال أبو قحافة
لابنة له، كانت من أصغر ولده: أي بنيةُ، أشرفي بي على أبي قُبيس، وكان قد
كُفّ بصره، فأشرفت به عليه، فذكر الحديث بطوله، وفيه: فلما دخل
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد، خرج أبو بكر حتى جاء بأبيه يقوده، فلما رآه
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "هلا تركت الشيخ في بيته حتى آتيه"، فقال: يمشي هو
إليك يا رسول الله أحقّ، من أن تمشي إليه، وأجلَسه بين يديه، ثم مسح على
صدره، فقال: أسلم تَسْلَم، ثم قام أبو بكر ... الحديث، أخرجه ابن حبان في
"صحيحه"، من حديث ابن إسحاق.
وروى أحمد من طريق هشام، عن محمد بن سيرين، عن أنس - رضي الله عنه -،
أنه سئل عن خضاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لم يكن شابَ إلا يسيراً، ولكن
خضب أبو بكر، وعمر بالحناء والكتم، قال: وجاء أبو بكر بأبيه، أبي قحافة
إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يوم فتح مكة، يحمله حتى وضعه بين يديه، فقال لأبي
بكر: لو أقررت الشيخ في بيته، لأتيناه تكرمة لأبي بكر، فأسلم، ورأسه
ولحيته كالثغامة بياضاً، فقال: "غيّروهما، وجنّبوه السواد"، صححه ابن حبان
من هذا الوجه، قال قتادة: هو أول مخضوب في الإسلام، وهو أول من
ورث خليفة في الإسلام، مات أبو قحافة سنة أربع عشرة، وله سبع وتسعون