ذهب الشافعيّ، وأبو حنيفة إلى منع الرجل عن التزعفر مطلقاً حلالاً

كان، أو مُحْرماً.

وذهب مالك، وجماعة إلى جواز لبس المزعفر للحلال، وقالوا: إنما

وقع النهي عنه للمُحْرم فقط.

قال "الفتح": واختُلِف في النهي عن التزعفر، هل هو لرائحته؛ لكونه من

طيب النساء، ولهذا جاء الزجر عن الْخَلُوق، أو للونه، فيَلتحق به كل صفرة؟

وقد نقل البيهقيّ عن الشافعيّ، أنه قال: أنهى الرجل الحلال بكلّ حال أن

يتزعفر، وآمره إذا تزعفر أن يغسله. قال: وأُرَخِّصُ في المعصفر؛ لأنني لم أجد

أحداً يحكي عنه إلا ما قال عليّ: "نهاني، ولا أقول: نهاكم". قال البيهقيّ:

قد ورد ذلك عن غير عليّ، وساق حديث عبد الله بن عمرو، قال: رأى عليّ

النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثوبين معصفرين، فقال: "إن هذه من ثياب الكفّار، فلا تلبسهما".

أخرجه مسلم، وفي لفظ له: فقلت: أغسلهما؟ ، قال: "لا، بل أحرقهما". قال

البيهقيّ: فلو بلغ ذلك الشافعيّ لقال به، اتباعاً للسُّنَّة، كعادته. وقد كره

المعصفر جماعة من السلف، وممن قال بكراهته من أصحابنا -يعني: الشافعيّة-

الْحَلِيمِيُّ، ورخّص فيه جماعة، والسُّنَّة أولى با لاتباع. انتهى. والله أعلم.

وقال النوويّ في "شرح مسلم": أتقن البيهقيّ المسألة، والله أعلم.

ورخّص مالك في المعصفر، والمزعفر في البيوت، وكرهه في المحافل.

وقال أبن بطّال -رَحِمَهُ اللهُ-: أجاز مالك، وجماعة لباس الثوب المزعفر

للحلال، وقالوا: إنما وقع النهي عنه للمحرم خاصّة. وحمله الشافعيّ،

والكوفيّون على المحرم وغير المحرم.

وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في الصبغ يدلّ على الجواز، فإن فيه أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -

كان يصبغ بالصفرة. وأخرج الحاكم من حديث عبد الله بن جعفر، قال: رأيت

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعليه ثوبان مصبوغان بالزعفران. وفي سنده عبد الله بن

مصعب الزبيريّ، وفيه ضعف.

وأخرج الطبرانيّ، من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صبغ إزاره،

ورداءه بزعفران. وفيه راو مجهول.

قال الحافظ: ومن المستغرب قول ابن العربيّ: لم يَرِدْ في الثوب الأصفر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015