حديث، وقد ورد فيه عدّة أحاديث، كما ترى. قال المهلّب: الصفرة أبهج

الألوان إلى النفس، وقد أشار إلى ذلك ابن عبّاس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى:

{صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البقرة: 69]، قاله في "الفتح" (?).

وقال العلّامة المباركفوريّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "تحفة الأحوذيّ": والحديث دليل

لأبي حنيفة، والشافعيّ، ومن تبعهما في تحريم استعمال الرجل الزعفران في

ثوبه، وبدنه، ولهما أحاديث أخر صحيحة.

ومذهب المالكيّة أن الممنوع إنما هو استعماله في البدن، دون الثوب،

ودليلهم ما أخرجه أبو داود، عن أبي موسى، مرفوعاً: "لا يقبل الله صلاة

رجل في جسده شيء من خلوق" (?)، فإن مفهومه أن ما عدا الجسد لا يتناوله

الوعيد.

وأجيب عن حديث أبي موسى هذا بأن في سنده أبا جعفر الرازيّ، وهو

متكلَّم فيه، وأحاديث النهي عن التزعفر مطلقاً أصحّ، وأرجح.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: وأيضاً على تقدير صحّته، فاستدلالهم

بالمفهوم، وأحاديث النهي منطوقة، فتقدّم عليه. والله أعلم.

قال: فإن قلت: قد ثبت في "الصحيحين" من حديث أنس - رضي الله عنه - أن

عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبه أثر صفرة، فسأله

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره أنه تزوّج امرأة ... الحديث، وفي رواية: "وعليه رَدْع

زعفران"، فهذا الحديث يدلّ على جواز التزعفر، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يُنكر على

عبد الرحمن بن عوف، فكيف التوفيق بين حديث أنس هذا، وبين حديثه

إلمذكور في الباب، وما في معناه؟ .

قلت: أشار البخاريّ إلى الجمع بأن حديث عبد الرحمن للمتزوّج،

وأحاديث النهي لغير المتزوّج، حيث ترجم بقوله: "باب الصفرة للمتزوّج".

وقال الحافظ: إن أثر الصفرة التي كانت على عبد الرحمن تعلّقت به من

جهة زوجته، فكان ذلك غير مقصود له، قال: ورجّحه النوويّ. وأجيب عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015