النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: يُستحبّ البداءة باليسار في كل ما هو ضدّ السابق في المسألة
الأُولى، فمن ذلك خلع النعل، والخفّ، والمداس، والسراويل، والكمّ،
والخروج من المسجد، ودخول الخلاء، والاستنجاء، وتناول أحجار
الاستنجاء، ومسّ الذكر، والامتخاط، والاستنثار، وتعاطي المستقذرات،
وأشباهها. انتهى (?).
وقال الْحَلِيميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وجه الابتداء بالشمال عند الخلع أن اللبس كرامة؛
لأنه وقاية للبدن، فلما كانت اليمنى أكرم من اليسرى بُدىء بها في اللبس،
وأُخِّرت في الخلع؛ لتكون الكرامة لها أدوم وحظها منها أكثر.
وقال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللهُ-: من بدأ بالانتعال في اليسرى أساء؛ لمخالفة
السُّنَّة، ولكن لا يحرم عليه لُبس نعله، وقال غيره: ينبغي له أن ينزع النعل من
اليسرى، ثم يبدأ باليمنى، ويمكن أن يكون مراد ابن عبد البر ما إذا لبسهما
معاً، فبدأ باليسرى، فإنه لا يشرع له أن ينزعهما، ثم يلبسهما على الترتيب
المأمور به؛ إذ قد فات محله، ونقل عياض وغيره الإجماع على أن الأمر فيه
للاستحباب، والله أعلم.
3 - (ومنها): بيان النهي عن المشي في نعل واحدة، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-:
يُكره المشي في نعل واحدة، أو خفّ واحد، أو مداس واحد، لا لعذر،
ودليله هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم، قال العلماء: وسببه أن ذلك تشويه،
ومُثلةٌ، ومخالف للوقار، ولأن المنتعَلة تصير أرفع من الأخرى، فيعسر مشيه،
وربما كان سبباً للعِثَار، وهذه الآداب الثلاثة التي في المسائل الثلاث مُجْمَع
على استحبابها، وأنها ليست واجبةً، وإذا انقطع شسعه، ونحوه، فليخلعهما،
ولا يمشي في الأخرى وحدها، حتى يُصلحها، ويُنعلها، كما هو نصّ في
الحديث. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: إن صحّ الإجماع الذي ادّعاه النوويّ في عدم
وجوب هذه الثلاثة من الابتداء باليمنى في الانتعال، وباليسرى في الخلع، ومن
النهي عن المشي بنعل واحدة، فذاك، وإلا فظاهر النصّ الوجوب والتحريم؛