لأنه بصيغة الأمر والنهي، وهما للوجوب، والتحريم ما لم يصرف عن ذلك
صارف، فإن صحّ الإجماع فهو الصارف، والا فالأصل البقاء على الوجوب
والتحريم، فتأمل بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّل الكتاب قال:
[5485] ( ... ) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا يَمْشِ
أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعاً، أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعاً").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
وكلهم تقدّموا في السند الماضي، وقبل أبواب، وشرح الحديث يُعلم مما
قبله.
وقوله: (لَا يَمْشِ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ ... إلخ) هذا خطاب لمن انقطع
شِسْع أحد نعليه، فنهاه عن أن يمشي في نعل واحدة؛ لأنَّ ذلك من باب
التشويه، والمُثلة، ولأنه مخالف لزيّ أهل الوقار، وقد يُخِلّ بالمشي، وهذا
كما قد جاء في الحديث المفسَّر بعد هذا، ويجيء حديث أبي هريرة الذي قال
فيه: "إذا انقطع شسع أحدكم، فلا يمشي في الأخرى حتى يصلحها"، وقد
اختلف علماؤنا في ذلك، فقال مالك بظاهر هذا الحديث: إن من انقطع نعله
لم يمش في الأخرى، ولا يقف فيها، وإن كان في أرضٍ حارَّة ليُحفها، ولا بدَّ
حتى يصلح الأخرى إلا في الوقوف الخفيف، والمشي اليسير، وقد رخص
بعض السلف في المشي في نعل واحدة، وهو قولٌ مردود بالنُّصوص المذكورة،
ولا خلاف في أن أوامر هذا الباب ونواهيه إنما هي من الاداب المكملة،
وليس منها شيء على الوجوب، ولا الحظر عند معتبَرٍ بقوله من العلماء، والله
تعالى أعلم. انتهى (?).
وقال عياض (?): رُوي عن بعض السلف في المشي في نعل واحدة، أو
خفّ واحد أثر لم يصحّ، أو له تأويل في المشي اليسير بقدر ما يُصلح