يدلّ على تغليظ التحريم، وأن لباس خاتم الذهب من المنكر الذي يجب
تغييره. انتهى (?).
(فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: خُذْ خَاتَمَكَ)؛ أي: الذي طرحه
النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، (انْتَفِعْ بِهِ)؛ أي: بغير اللبس، من البيع، وإلباسه للنساء، وغير
ذلك، قال القرطبيّ رحمه الله: قولهم هذا للرجل يدلّ على أنهم عَلِموا أن المحرَّم
إنما هو لُبسه، لا اتّخاذه، ولا الانتفاع به، وهذا لا يُختَلَف فيه في الخاتم،
فإن لُبسه للنساء جائزٌ، بخلاف سائر أواني الذهب والفضّة، فإن اتّخاذها غير
جائز؛ لأنه لا يجوز استعمالها لأحد، وقد تقدّم الخلاف في ذلك. انتهى (?).
(قَالَ) الرجل (لَا وَاللهِ، لَا آخُذُهُ) "لا" الثانية مؤكّدة للأولى، (أَبدًا)؛ أي:
فيما يُستقبل من الزمان، وقوله: (وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) جملة حاليّة من
الفاعل، قال القرطبيّ رحمه الله: قول الرجل هذا مبالغة في طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
فيكون الرجل قد نوى أن يُدْفَع لمن يستحقّه من المساكين، لا أنه أضاعه،
فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن إضاعة المال. انتهى (?).
وقال النوويّ رحمه الله: وإنما ترك الرجل الخاتم على سبيل الإباحة لمن أراد
أخذه من الفقراء، وغيرهم، وحينئذ يجوز أخْذه لمن شاء، فإذا أخَذه جاز
تصرفه فيه، ولو كان صاحبه أخَذه لم يحرم عليه الأخذ، والتصرف فيه بالبيع
وغيره، ولكن تَوَرَّع عن أخْذه، وأراد الصدقة به على من يحتاج إليه؛ لأن
النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم ينهه عن التصرف فيه بكل وجه، وإنما نهاه عن لبسه، وبَقِيَ ما
سواه من تصرفه على الإباحة. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا من أفراد
المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه: