نسباً، فما كتبه بعض الشرّاح من قوله: لعلها خالته من الرضاعة خطأ، فليُتنبّه،
وبالله تعالى التوفيق.
وقوله: (فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَاراً مِنْ جَهَنَّمَ) قال الأبيّ: المراد بالنار:
المُهل، والحميم الذي يُسقاه، ويوصف بأنه نار، ويكون مما العقوبة فيه بجنس
الذنب، كما جاء في عقاب شارب الخمر. انتهى (?).
وقال النوويّ - رحمه الله -: اتَّفَقَ العلماء من أهل الحديث، واللغة، والغريب،
وغيرهم على كسر الجيم الثانية، من "يُجَرْجِرُ"، وأختلفوا في راء النار في
الرواية الأولى، فنقلوا فيها النصب، والرفع، وهما مشهوران في الرواية، وفي
كتب الشارحين، وأهل الغريب، واللغة، والنصب هو الصحيح المشهور الذي
جزم به الأزهريُّ، وآخرون من المحققين، ورجّحه الزجاج، والخطابيّ،
والأكثرون، وتؤيّده الرواية الثالثة: "يجرجر في بطنه ناراً من جهنم"، قال:
ورويناه في "مسند أبي عوانة الإسفراينيّ"، وفي "الجعديات" من رواية
عائشة - رضي الله عنهما -: "إنما يجرجر في جوفه ناراً"، كذا هو في الأصول: "نار" من غير
ذكر جهنم.
وأما معناه: فعلى رواية النصب الفاعلُ هو الشارب مضمر في "يُجرجر"؛
أي: يلقيها في بطنه، بجرع متتابع، يُسمَع له جرجرة، وهو الصوت؛ لتردده في
حلقه، وعلى رواية الرفع تكون النار فاعله، ومعناه: تصوّت النار في بطنه،
والجرجرة هي التصويت، وسُمِّي المشروب ناراً" لأنه يؤول إليها، كما قال
تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10].
وأما جهنم- عافانا الله منها، ومن كل بلاء - فقال الواحديّ: قال
يونس، وأكثر النحويين: هي عجمية لا تنصرف؛ للتعريف والعجمية، وسُمِّيت
بذلك؛ لِبُعد قَعْرها، يقال: بئر جهنام، إذا كانت عميقة القعر، وقال بعض
اللغويين: مشتقة من الجهومة، وهي الغِلَظ، سُمّيت بذلك؛ لِغِلَظ أمرها في
العذاب، والله أعلم.