قَالَ: فَتَنَحَّيْتُ، قَالَ: فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوْتِي إِلَّا
جِئْتَ، قَالَ: فَجِئْتُ، فَقُلْتُ: وَاللهِ مَا لِي ذَنْبٌ، هَؤُلَاءِ أَضْيَافُكَ فَسَلْهُمْ، قَدْ أَتَيْتُهُمْ
بِقِرَاهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يَطْعَمُوا حَتَّى تَجِيءَ، قَالَ: فَقَالَ: مَا لَكُمْ أَلَا تَقْبَلُوا عَنَا قِرَاكُمْ؟
قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ لَا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ، قَالَ: فَقَالُوا: فَوَاللهِ لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى
تَطْعَمَهُ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ كَالشَّرِّ كَاللَّيْلَةِ قَطَّ، ويلَكُمْ مَا لَكُمْ أَنْ لَا تَقْبَلُوا عَنَّا
قِرَاكُمْ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَمَّا الأُولَى فَمِنَ الشَّيْطَانِ، هَلُمُّوا قِرَاكُمْ، قَالَ: فَجِيءَ
بِالطَّعَامِ، فَسَمَّى، فَأَكَلَ، وَأَكَلُوا، قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ بَرُّوا، وَحَنِثْتُ، قَالَ: فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: "بَلْ أَنْتَ أَبَرُّهُمْ، وَأَخْيَرُهُمْ"، قَالَ:
وَلَمْ تَبْلُغْنِي كَفَّارَةٌ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى) أبو موسى الْعَنَزيّ البصريّ، تقدّم في الباب
الماضي.
2 - (سَالِمُ بْنُ نُوحٍ الْعَطارُ) أبو سعيد البصريّ، صدوقٌ له أوهامٌ [9]
مات بعد المائتين (بخ م د ت س) تقدم في "المساجد ومواضع الصلاة" 55/
1532.
3 - (الْجُرَيْرِيُّ) سعيد بن إياس، أبو مسعود البصريّ، ثقةٌ اختلط قبل
موته بثلاث سنين [5] (ت 144) (ع) تقدم في "الإيمان" 40/ 266.
والباقيان ذُكرا قبله.
وقوله: (نَزَلَ عَلَيْنَا أَضْيَاف لَنَا) هم الذين جاء بهم أبو بكر - رضي الله عنه - من عند
رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما بُيّن في الرواية السابقة.
وقوله: (وَكَانَ أَبِي يَتَحَدَّثُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ اللَّيْلِ) "الى" بمعنى
"عند"، و"من" بمعنى "في"، أو هي للتبعيض.
وقوله: (فَانْطَلَقَ)؛ أي: أراد أبو بكر - رضي الله عنه - أن يذهب إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقوله: (افْرُغْ مِنْ أَضْيَافِكَ)؛ أي: انته من ضيافهم، يقال: فَرغ؛ كمنع،
وسَمِعَ، ونَصَرَ فُرُوغًا، وفَرَاغًا، فهو فَرغٌ، وفارغٌ: خلا ذَرْعه، وفرغ له، وإليه: