إنكاريّة؛ أي: أي شيء منك عن الحضور عندهم؟ (أَوْ قَالَتْ: ضَيْفِكَ؟ )
بالإفراد، قال في "الفتح": هو شك من الراوي، والمراد به الجنس؛ لأنهم
ثلاثة، واسم الضيف يُطلق على الواحد، وما فوقه، وقال الكرمانيّ: أو هو
مصدر يتناول المثني، والجمع، كذا قال، وليس بواضح. انتهى (?).
(قَالَ) أبو بكر (أَوَ مَا عَشَّيْتِهِمْ؟ ) هو استفهام إنكاريّ، (قَالَتْ: أَبوْا)؛
أي: امتنعوا من قبول العشاء (حَتَّى تَجِيءَ) أنت، (قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ) بفتح
العين، والراء، والفاعل محذوف؛ أي: الْخَدَم، أو الأهل، أو نحو ذلك،
(فَغَلَبُوهُمْ)؛ يعني: أن آل أبي بكر عَرَضُوا على الأضياف العَشاءَ، فأبوا،
فعالجوهم، فامتنعوا حتى غلبوهم.
ووقع في رواية للبخاريّ في "الصلاة": "قد عُرِّضُوا" بضم أوله، وتشديد
الراء؛ أي: أُطعموا من العُراضة (?)، وهي الهديّة، قاله عياض، قال: وهو في
الرواية بتخفيف الراء، وحَكَى ابن قرقول أن القياس بتشديد الراء، وبه جزم
الجوهريّ، وقال الكرمانيّ موجِّهًا للتخفيف؛ أي: عُرِض الطعام عليهم، فحُذف
الجارّ، ووُصِل الفعل، فهو من القلب، كعَرَضت الناقةَ على الحوض.
ووقع عنده أيضًا في الصلاة: "قد عرضنا عليهم، فامتنعوا"، وحَكَى ابن
التين أنه وقع في بعض الروايات: "عرصوا" بصاد مهملة، قال: ولا أعرف لها
وجهًا، ووجّهها غيره أنَّها من قولهم: عَرَص إذا نَشِط، فكأنه يريد أنهم نَشِطوا
في العزيمة عليهم، ولا يخفى تكلفه. انتهى (?).
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - عند شرح قوله في الأضياف: إنهم امتنعوا من الأكل
حتى يحضر أبو بكر - رضي الله عنه -: هذا فعلوه أدبًا، ورفقًا بأبي بكر فيما ظنوه؛ لأنهم
ظنوا أنه لا يحصل له عشاء من عشائهم، قال العلماء: والصواب للضيف أن
لا يمتنع مما أراده المضيف، من تعجيل طعام، وتكثيره، وغير ذلك من أموره،
إلَّا أن يعلم أنه يتكلف ما يشُقّ عليه حياء منه، فيمنعه برفق، ومتى شكّ لَمْ