ذلك مع الضيف، بل يدلّ على كرم أخلاق فاعله، وإيثاره الضيف عند قلَّة
الطعام، كما فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّ الذي قُدّم إليه كان غداؤه، فإنَّ أقرصتهم
صغار، لا سيما في مثل ذلك الوقت، ومع ذلك فشرّك فيه الغير وفاءً بقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين كافي الأربعة"، رواه مسلم.
انتهى (?).
وقوله: (فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قُرْصًا، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ... إلخ) قال
النوويّ -رحمه الله-: فيه استحباب مواساة الحاضرين على الطعام، وأنه يستحب جعل
الخبز ونحوه بين أيديهم بالسوية، وأنه لا بأس بوضع الأرغفة، والأقراص
صِحاحًا غير مكسورة. انتهى (?).
وقوله: (قَالُوا: لَا، إِلَّا شَئءٌ مِنْ خَلٍّ) قال الطيبيّ -رحمه الله-: المستثنى منه
محذوف، والمستثنى بدل منه، قال: ونظيره ما في حديث عائشة - رضي الله عنها -: "لا إلا
شيء بَعَثت به أم عطيّة"، متّفقٌ عليه. قال ابن مالك -رحمه الله-: فيه شاهد على إبدال
ما بعد "إلا" من محذوف؛ لأن الأصل: لا شيء عندنا إلا شيء بعثت به أم
عطيّة. انتهى (?).
وقوله: (قَالَ: "هَاتُوهُ)؛ أي: أحضروا الخلّ الذي عندكم.
وقوله: (فَنِعْمَ الأُدُمُ هُوَ") "نعم الأدم" فعل وفاعلٌ، خبر مقدّم عن "هو"،
وهو المخصوص بالمدح، أو هو خبر لمبتدإ محذوف وجوبًا (?)؛ أي:
المخصوص بالمدح هو، قال في "الخلاصة":
وَيُذْكَرُ الْمَخْصُوصُ بَعْدُ مُبْتَدَا ... أَوْ خَبَرَ اسْمٍ لَيْسَ يَبْدُو أَبَدَا
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}.