نصف مدّ من شعير، فطحنته، ثم عَمَدت إلى عُكّة فيها شيء من سَمْن،
فاتخذت منه خَطِيفة. . ." الحديث.
و"الْخَطِيفة": هي العَصِيدة وزنًا ومعنًى، وهو أيضًا عند البخاريّ في
"الأطعمة" (?).
(ثمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا) - بكسر الخاء المعجمة-: ثوب تُغطّي به المرأة
رأسها، والجمع: خُمُرٌ، ككتاب وكُتُب، واختمرت المرأة، وتخمّرت: لبست
الخمار (?). (فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ)؛ أي: ببعض ذلك الخمار، (ثُمَّ دَسَّتْهُ)؛ أي:
أخْفَتْه، يقال: دسّه في التراب دَسًّا، من باب قَتَلَ: دفنته فيه، وكلُّ شيء أخفيته
فقد دسسته، ومنه يقال للجاسوس: دسيس القوم (?). (تَحْتَ ثَوْبِي) قال
القرطبيّ رحمه الله: قوله: "فدسّته تحت ثوبي" كذا في كتاب مسلم عند سائر رواته،
وفي "الموطّأ": "تحت يدي"؛ أي: إبطي، والدّسّ: وضع الشيء في خفية
ولطافة. انتهى (?).
(وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ) من الرّدّ؛ أي: أعادت بعضه عليّ، وألبستنيه، ويقال:
إنه من التردية، وهو إلباس الرداء؛ أي: جعلت الطرف الثاني من الخمار عليه
رداء غطّته به، وما قيل: من أن معناه: ردّت جوعي ببعضه؛ أي: ببعض ذلك
الطعام، فمعنى باطل، واضح البطلان.
وفي رواية للبخاريّ في "المناقب": "ولاثتني ببعضه"؛ أي: لَفَّتني به،
يقال: لاث العمامة على رأسه؛ أي: عَصَبها، والمراد أنها لَفّت بعضه على
رأسه، وبعضه على إبطه.
(ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: فَدَهَبْتُ بِهِ)؛ أي: بالطعام الذي
دسّته تحت ثوبه، (فوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، وَمَعَهُ النَّاسُ)
جملة في محلّ نصب على الحال من المفعول، (فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ) هذا من ذكاء
أنس - رضي الله عنه - وفِطنته حيث إنه لم يذكر للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما أُرسل به؛ لئلا يشاركه الناس