وحديث إقرائه - صلى الله عليه وسلم - أصحاب الصفّة غيره، وحديث أنس في تحديثه - صلى الله عليه وسلم - يَحتمل

أن يكون قصّة أصحاب الصفّة، فذهب إلى أبي طلحة، فأخبره به، فجاء حتى

نظر إليه نفسه، وَيحْتَمل أن تكون واقعة أخرى، والله تعالى أعلم.

(فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ )؛ أي: مما يكون طعامًا له - صلى الله عليه وسلم -، (فَقَالَتْ: نَعَمْ،

فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا) بفتح الهمزة: جمع قُرص، بضمّ، فسكون، وهو الْخُبْز، قال

الفيّوميّ: الْقُرْص: معروف، والجمع أقراص، مثلُ قُفْل وأقفال، وقِرَصَةٌ، مثلُ

عِنبَةٍ، وقَرَّصتُ العجين بالتثقيل: قطعته قُرْصًا قُرْصًا. انتهى (?).

وقال المجد: الْقُرصةُ: الْخُبْزةُ؛ كالقُرْص، جمعه: قِرَصَةٌ، وأَقْراصٌ،

وقُرَصٌ. انتهى (?).

وقوله: (مِنْ شَعِيرٍ) بيان لـ "أقراصًا"، وفي رواية محمد بن سيرين، عن

أنس، عند أحمد: "قال: عَمَدَت أم سليم إلى نصف مُدّ من شعير، فطحنته"،

وعند البخاريّ من هذا الوجه، ومن غيره عن أنس: "أن أمه أم سليم عَمَدت

إلى مُدّ من شعير جَرَشته، ثم عملته"، وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى،

عن أنس، عند أحمد، ويأتي أيضًا عند مسلم في الباب: "أتى أبو طلحة بمُدّ

من شعير، فأَمَر به، فصُنع طعامًا".

قال الحافظ: ولا منافاة بين ذلك؛ لاحتمال أن تكون القصة تعدّدت،

وأن بعض الرواة حَفِظ ما لم يحفظ الآخر.

قال: ويمكن الجمع بأن يكون الشعير في الأصل كان صاعًا، فأفْرَدَتْ

بعضه لعيالهم، وبعضه للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويدلّ على التعدد ما بين العصيدة، والخبز

المفتوت الملتوت بالسمن من المغايرة.

وقد وقع لأم سليم في شيء صنعته للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لمّا تزوج زينب بنت جحش

قريبٌ من هذه القصة، من تكثير الطعام، وإدخال عشرة عشرة، كما تقدّم في

مكانه من "كتاب النكاح" [16/ 3507].

ووقع عند أحمد في رواية ابن سيرين، عن أنس: "عَمَدت أم سليم إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015