أَضَلُّونَا} [الأعراف: 38]، وقوله: {وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا} [هود: 31]، وقول الشاعر [من الكامل]:
كَضَرَائِرِ الْحَسْنَاءِ قُلْنَ لِوَجْهِهَا ... حَسَدًا وَبُغْضًا إِنَّهُ لَدَمِيمُ (?)
(فَقَالَ) الفارسيّ (لَا)؛ أي: لا أدعوها معك، بل الدعوة قاصرة عليك.
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "لَا")؛ أي: لا أُجيبك لدعوتك إلا أن تدعوها معي.
(فَعَادَ)؛ أي: رجع الفارسيّ من بيته إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرّةً ثانية، حال كونه (يَدْعُوهُ)
إلى ما صنعه له من الطعام، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) مرّةً أخرى (وَهَذهِ")؛ يعني:
عائشة - رضي الله عنها - (قَالَ) الفارسيّ (لَا) أدعوها معك، (قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا")
أجيب دعوتك، (ثُمَّ عَادَ)؛ أي: رجع الفارسئ مرّةً ثالثة (يَدْعُوهُ) - صلى الله عليه وسلم - (فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَهَذهِ؟ "، قَالَ) الفارسيّ (نَعَمْ) أدعوها معك، (فِي) المرّة
(الثَّالِثَةِ، فَقَامَا)، أي: قام النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعائشة - رضي الله عنها - إلى بيت الفارسيّ (يَتَدَافَعَانِ)؛
أي: يمشي كل واحد منهما إثر صاحبه، (حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ)؛ أي: بيت الفارسيّ.
وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "فقاما يتدافعان": معناه: يمشي كل واحد
منهما في إثر صاحبه، قالوا: ولعل الفارسيّ إنما لم يَدْع عائشة - رضي الله عنها - أوّلًا؛
لكون الطعام كان قليلًا، فأراد توفيره على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقال القرطبيّ رحمه الله: وامتناع الفارسيّ من الإذن لعائشة - رضي الله عنها - أَولى ما قيل
فيه: إنه إنَّما كان صَنَع من الطعام ما يكفي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وحده؛ للذي رأى عليه
من الجوع، فكأنه رأى أن مشاركة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك يُجحف بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -،
وامتناع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من إجابة الفارسيّ عند امتناعه من إذن عائشة - رضي الله عنها - إنما كان
- والله أعلم- لأن عائشة - رضي الله عنها - كان بها من الجوع مثل الذي كان بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -،
فكره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يستأثر عليها بالأكل دونها، وهذا تقتضيه مكارم الأخلاق،
وخصوصًا مع أهل بيت الرجل، ولذلك قال بعض الشعراء (?):