"وَهَذِهِ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا"، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
"وَهَذِهِ؟ "، قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ، حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ) السلميّ مولاهم، أبو خالد الواسطيّ، ثقةٌ متقنٌ
عابدٌ [9] (ت 206) وقد قارب التسعين (ع) تقدم في "المقدمة" 6/ 45.
والباقون ذُكروا في الباب الماضي.
شرح الحديث:
(عَنْ أنَسٍ) - رضي الله عنه - (أَنَّ جَارًا) قال صاحب "التنبيه": لا أعرفه، ولا أعرف
في الصحابة فارَسيًّا إلا سلمان - رضي الله عنه -. انتهى (?). (لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَارِسِيًّا)؛ أي:
منسوبًا إلى البلد المسمّى بفارس، قال ابن منظور: وفارس بلد ذو جيل،
والنسبة إليه فارسيّ، والجمع فُرْس، قال ابن مقبل:
طَافَتْ بِهِ الْفُرْسُ حَتَّى بَدَّ نَاهِضُهَا (?)
(كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ) بفتحتين، قال ابن منظور: الْمَرَق: الذي يؤتَدَم به،
معروفٌ، واحدته مرقةٌ، والمرقة أخصّ منه. انتهى. (فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛
يعني: صنع له طعامًا، (ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ)؛ أي: يدعو النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى طعامه الذي
صنعه له، (فَقَالَ: "وَهَذِهِ؟ ") يَحتمل أن يكون كلامًا استفهاميًّا؛ أي: أتدعو هذه
معي؟ أو أمرًا منه - صلى الله عليه وسلم - أن يدعوها؛ أي: ادعها معي، وسياق المصنّف يقتضي
أنه - صلى الله عليه وسلم - صرّح بذلك بالقول، ولكن وقع عند النسائيّ أنه بالإشارة، ولفظه: "كان
لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جار فارسيّ طيّبُ المرقة، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، وعنده
عائشة؛ فأومأ إليه بيده أن تَعَالَ، وأومأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عائشة؛ أي: وهذه،
فأومأ إليه الآخر هكذا بيده أن لا مرّتين أو ثلاثًا"، ويمكن الجمع بأنه جَمَع بين
الإشارة والقول الصريح، ولا مانع من ذلك، والله تعالى أعلم.
واللام في قوله: (لِعَائِشَةَ) قيل: هي بمعنى "عن"، وقيل: هي لام
التعليل، وقيل: لام التبليغ، ومنه قوله تعالى: {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ