وقوله: ("وَاكْفِئُوا الإِنَاءَ) أمرٌ من الإكفاء، رباعيًّا، أو من الكَفْء ثلاثيًّا،

فهمزته يجوز قطعها، ووصْلها، ومعناه: القلب، يقال: كفأه، كمنعه: صرفه،

وكبّه، وقلبه، كأكفأه، واكتفأه، قاله المجد - رَحِمَهُ اللهُ - (?).

وقال ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وأما قوله: "وأكفئوا الإناء" فإنه يريد: اقلبوه،

وكُبّوه، وحَوِّلوه إذا كان فارغًا، لا تدعوه مفتوحًا، ضاحيًا، يقال: كفأت

الإناء: إذا قلبته، وهي كلمة مهموزة، وأنا أكفؤه، قال ابن هرمة:

عِندِي لِهَذَا الزَّمَانِ آنِيَةٌ ... أَمْلَؤُهَا مَرَّةً وَأَكْفَؤُهَا

وقوله: (أَوْ خَمِّرُوا الإِنَاءَ") من التخمير، وهو التغطية.

وقوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ تَعْرِيضَ الْعُودِ عَلَى الإِنَاءِ) فاعل "يذكر" ضمير مالك

أيضًا؛ يعني: أن مالكًا لَمْ يذكر في روايته قوله: "إلَّا أن يعرُض على إنائه

عُودًا".

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - رَءإئئهُ: قوله: "ولم يذكر تعريض العود" هكذا هو في أكثر

الأصول، وفي بعضها: "تَعْرُضُ" فأما هذه فظاهرة، وأما تَعْرِيض" ففيه تسمّح

في العبارة، والوجه أن يقول: "ولم يذكر عَرْضَ العُودِ"؛ لأنه المصدر الجاري

على "تَعْرُض"، والله أعلم، انتهى (?).

[تنبيه]: رواية مالك، عن أبي الزبير هذه ساقها في "الموطّأ"، فقال:

(1659) - وحدّثني عن مالك، عن أبي الزبير المكيّ، عن جابر بن

عبد الله، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "أغلقوا الباب، وأوكوا السقاء، وأكفئوا

الإناء، أو خمِّروا الإناء، وأطفئوا المصباح، فإن الشيطان لا يفتح غَلَقًا، ولا

يَحُلّ وِكَاءً، ولا يكشف إناءً، وإن الفويسقة تُضْرِم على الناس بيتهم". انتهى (?).

وبالسند المتّصل إلى المؤلِّف - رَحِمَهُ اللهُ - أَوَّل الكتاب قال:

[5237] ( ... ) - (وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ،

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَغْلِقُوا الْبَابَ"، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ،

غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: "وَخَمِّرُوا الآنِيَةَ"، وَقَالَ: "تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ ثِيَابَهُمْ").

طور بواسطة نورين ميديا © 2015