قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "للحديث الحسن" هكذا حسّنه النوويّ،

وليس كذلك، فإن الحديث ضعيف شديد الضعف، وقد استوفيت بيانه في

"شرح المقدّمة"، فارجع إليه، تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.

3 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قد تضمَّنت جملة هذه الأحاديث

أن الله تعالى قد أطلع نبيَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ما يكون في هذه الأوقات من المضارِّ من

جهة الشياطين، والفأر، والوباء. وقد أرشدنا النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ما يُتَّقى به ذلك،

فليبادر الإنسان إلى فعل تلك الأمور ذاكرًا الله تعالي، مُمتثلًا أمر نبيَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،

وشاكرًا لله تعالى على ما أرشدنا إليه، وأعْلَمنا به، ولنبيِّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على تبليغه،

ونصحه، فمن فعل ذلك لَمْ يصبه من شيء من ذلك ضررٌ بحول الله وقُوّته،

وبركة امتثال أوامره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجازاه عنَّا أفضل ما جازى نبيًّا عن أمته، فلقد بلَّغ،

ونصح - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انتهى (?).

4 - (ومنها): ما قاله الحافظ ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "التمهيد": وفي هذا

الحديث من العلم أيضًا أن الشيطان لَمْ يُعطَ مع ما به من القوّة أن يفتح غَلَقًا،

ولا يَحُل وكاءً، ولا يكشف إناء؛ رحمةً من الله تعالى بعباده، ورفقًا بهم (?).

وقال في "الاستذكار": في هذا الحديث الأمرُ بغلق الأبواب من البيوت

في الليل، وتلك سُنَّة مأمور بها؛ رفقًا بالناس لشياطين الإنس والجن، وأما

قوله: "إن الشيطان لا يفتح غَلَقًا، ولا يَحُلّ وِكاءً" فذلك إعلام منه، وإخبار عن

نِعم الله على عباده من الإنس؛ إذ لَمْ يُعْطَ قوّة على فتح باب، ولا حَلّ وكاء،

ولا كشف إناء، وأنه قد حُرِم هذه الأشياء، وإن كان قد أُعطي ما هو أكثر

منها، من التخلُّل، والولوج حيث لا يلج الإنس.

قال: وقوله: "أوكوا السقاء": معناه أيضًا قريب مما وصفنا في غلق

الباب، والسقاءُ القربةُ، وقد تكون الْقُلَّة، والخابية، وما كان مثلهما في ذلك

المعنى. وقوله: "اكفؤوا الإناء": معناه: اقلبوه على فيه، "أو خمِّروه" شَكَّ

المحدّث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015