الكاف بعد سَلْب حركتها؛ استثقالًا للخروج من الكسرة إلى الضمّة، ثم حُذفت
الياء لالتقاء الساكنين، فصار "أَوْكُوا"، يقال: أوكيت السقاء بالألف: إذا
شددتّ فمه بالوكاء، ووكيته من باب وَعَد لغة قليلة (?).
وقال ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "وأوكئوا السقاء" فالسقاء: القِربة،
وشِبهها، والوكاء: الخيط الذي تُشد به، فكأنَّه قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اربطوا فم الإناء إذا
كان مما يُربط مثله، وشُدُّوه بالخيط.
وقال القرطبيّ: و"إيكاء السِّقاء": شَدُّهُ بالخيط، وهو الوِكاء، ممدود
مهموز، ولذلك يجب أن يكون "أوكئوا" رباعيًّا مهموز اللام. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله القرطبيّ من أنه يجب أن يكون
أوكئوا بالهمز غير صحيح، فإن أهل اللغة اتّفقوا على أنَّ الكلمة أوكى بالألف،
لا بالهمز، قال المجدّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الوكاء، ككِساء: رباط القِرْبة وغيرها، وقد
وكاها، وأوكاها، وعليها. انتهى.
فأفاد أن الكلمة ليست مهموزة، وتقدّم عن الفيّوميّ نحوه، ونحوه
للجوهريّ في "الصحاح"، وأما استدلاله على كونه مهموزًا بلفظ الوكاء، فهذا
خطأ، فإن مصدر أعطي، وادّعي، وارتضي، واستقصي، وما أشبهها ممدود
قياسًا مطّردًا، وإن الأفعال غير ممدودة، قال ابن مالك في "الخلاصة" في باب
المقصور والممدود:
وَمَا اسْتَحَقَّ قَبْلَ آخِرٍ أَلِفْ ... فَالمَدُّ نَظِيرِهِ حَتْمًا عُرِفْ
كَمَصْدرِ الْفِعْلِ الَّذِي قَدْ بُدِئَا ... بِهَمْزِ وَصْلٍ كَارْعَوَى وَكَارْتَأى
والله تعالى أعلم.
(وَأَغْلِقُوا الْبَابَ) بقطع الهمزة، من الإغلاق رباعيًّا، هذه هي اللغة
الفصحي، وذكر بعضهم أنه يقال: غلق الباب، كضرب، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -:
أغلقت الباب بالألف أوثقته بالغَلَقِ، وغلّقته بالتشديد مبالغةٌ وتكثيرٌ، وانغلق