الباذِق، فما أسكر فهو حرام"، أخرجه البخاريّ، يشير إلى أنه إن كان مسكرًا

فقد دخل في هذه الكلمة الجامعة العامة.

(واعلم): أن المسكر المزيل للعقل نوعان:

[حدهما]: ما كان فيه لذّة وطرب، فهذا هو الخمر المحرّم شُربه، وفي

"المسند" (?) عن طلق الحنفيّ أنه كان جالساً عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال رجل: يا

رسول الله ما ترى في شراب نصنعه بأرضنا، من ثمارنا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سائلٌ

عن المسكر؟ فلا تشربه، ولا تُسقه أخاك المسلم، فوالذي نفسي بيده، أو

بالذي يُحلف به لا يشربه رجل ابتغاء لذة مسكرة، فيسقيه الله الخمر يوم

القيامة".

قالت طائفة من العلماء: وسواء كان هذا المسكر جامدًا، أو مائعًا،

وسواء كان مطعومًا، أو مشروبًا، وسواء كان من حَبّ، أو تمر، أو لبن، أو

غير ذلك، وأدخَلوا في ذلك الحشيشة التي تُعمل من ورق العنب وغيرها، مما

يؤكل لأجل لذته، وسكره.

وفي "سنن أبي داود" من حديث شهر بن حوشب، عن أم سلمة، قالت:

"نَهَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كل مسكر، ومُفَترِّ" (?)، والمفتر هو المخدِّر للجسد،

وإن لم يَنته إلى حدّ الإسكار.

[والحاني]: ما يزيل العقل، وشمكره، ولا لذّة فيه، ولا طَرَب، كالبنج

ونحوه، فقال أصحابنا- يعني: الحنبليّة- إنْ تناوله لحاجة التداوي، وكان

الغالب منه السلامة جاز.

وقد رُوي عن عروة بن الزبير لَمّا وقعت الأَكَلة في رجله، وأرادوا

قطعها، قال له الأطباء: نسقيك دواءاً حتى يغيب عقلك، ولا تُحسّ بألم

القطع، فأبى، وقال: ما ظننت أن خَلْقًا يشرب شرابًا يزول منه عقله، حتى لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015