المسكر قليله وكثيره حرام، وقال: الخمر من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة،
والشعير، والذرة، فما خَمّرت من ذلك، فهو الخمر، أخرجه أحمد، عن عبد الله بن
إدريس، سمعت المختار يقول، فذكره، وهذا إسناد على شرط مسلم.
وفي "صحيح مسلم" عن أبي هريرة، عن النبىّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "الخمر من
هاتين الشجرتين: النخلةِ، والعنبة"، وهذا صريح في أن نبيذ التمر خمر.
وجاء التصريح بالنهي عن قليل ما أسكر كثيره، كما خزجه أبو داود،
وابن ماجه، والترمذيّ، وحسّنه من حديث جابر، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما أسكر
كثيره فقليله حرام". وأخرج أبو داود، والترمذيّ، وحسّنه، من حديث
عائشة -رضي الله عنهما-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "كل مسكر حرام، وما أسكر الفَرَقُ فملء
الكفّ منه حرام"، وفي رواية: "الْحَسْوَة منه حرام"، وقد احتجّ به أحمد،
وذهب إليه، وسئل عمن قال: إنه لا يصحّ، فقال: هذا رجل مُغْلٍ؛ يعني: أنه
قد غلا في مقالته.
وقد أخرج النسائئ هذا الحديث من رواية سعد بن أبي وقاص،
وعبد الله بن عمرو، عن النبىّ -صلى الله عليه وسلم-، وقد رُوي عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم - من وجوه كثيرة
يطول ذكرها.
ورَوَى ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، حدّثني أبو وهيب الجيشانيّ،
عن وَفْد أهل اليمن، أنهم قَدِمُوا على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فسألوه عن أشربة تكون
باليمن، فسَمَّوا له الْبِتْع من العسل، والْمِزْر من الشعير، قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم -: "هل
تَسكرون منها؟ "، قالوا: إن أكثرنا منها أسكرنا، قال: "فحرام قليله ما أسكر
كثيره"، أخرجه القاضي إسماعيل (?).
وقد كانت الصحابة -رضي الله عنهم- تحتجّ بقول النبيّ-صلى الله عليه وسلم-: "كل مسكر حرام" على
تحريم جميع أنواع المُسكِرات، ما كان موجودًا منها على عهد النبىّ -صلى الله عليه وسلم-، وما
حَدَث بعده، كما سئل ابن عباس عن الباذِق (?)، فقال: "سَبَق محمد -صلى الله عليه وسلم-