أَكْبَادِهِمَا، قَالَ عَلِيٌّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ)؛ أي: ذهبت حتى دخلت عليه -صلى الله عليه وسلم-
ويجوز فيه الرفع، والنصب، ورجّح ابن مالك النصب، وعبّر بصيغة المضارعة
مبالغة في استحضار صورة الحال، وإلا فكان الأصل أن يقول: حتى دخلت
على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (?). (عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَعِنْدَهُ زيدُ بْنُ حَارِثَةَ، قَالَ) عليّ -رضي الله عنه-
(فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي وَجْهِي الَّذِي لَقِيتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا لَكَ؟ "،
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ) قال القرطبيّ رحمه الله: هذا كلام كثُر
عندهم، حتى صار كالمثل، والكاف فيه نعت لـ"يوم " محذوف، تقديره: ما
رأيت يومًا مثل اليوم، يُهَوِّله لِمَا لقي فيه، وَيحْتَمِل أن يكون نعتًا لمصدر
محذوف؛ أي: ما رأيت كرْبًا مثل كرْب اليوم، أو ما شاكل ذلك، ويدلُّ على
الأول ما أنشده ابن شبَّة من الزيادة في شعر القَيْنة، فقال:
ألايا حمزللشُّرفِ النِّواءِ ... وهنَّ مُعَقَّلاتٌ بالفِنَاء
ضع السكين في اللَّبَّات مِنها ... وضَرِّجْهُنَّ حًمْزةُ بالدِّماءِ
وعَجِّل من أَطايِبها لِشَرْبٍ ... قَدِيرًا من طَبِيخٍ أو شِواءِ
قال القرطبيّ: وعلى هذا فيكًون فيه حجةٌ على إباحة أكل ما ذبحه غير
المالك تعديًّا، كالغاصب، والسارق، وهو قول جمهور العلماء: مالك،
وا لشا فعيّ، وأبي حنيفة، وا لثوريّ، وا لأوزا عيّ، وخالف في ذلك: إسحاق،
وداود، وعكرمة، فقالوا: لا يؤكل، وهو قول شاذٌّ، وحجَّة الجمهور: أن
الذكاة وقعت من المتعدِّي على شروطها الخاصة بها، وقيمة الذبيحة قد تعلَّقت
بذمة المتعدِّي، فلا موجب للمنع، وقد وقع التفويت، وقد روى ابن وهب
حديثًا يدلُّ على جواز الأكل، فليُبحث عنه، ويُكتب هنا. انتهى كلام
القرطبيّ رحمه الله.
قال الجامع عفا الله عنه: أشار بالحديث إلى ما أخرجه أبو داود بسند
صحيح، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار، قال: خرجنا
مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة، فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو على القبر يوصي
الحافر: "أَوْسِعْ من قِبَل رجليه، أَوْسِعْ من قبل رأسه"، فلما رجع استقبله داعي