(فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيِّ)؛ أي: بكيت مغلوبًا من شدّة ما شاهدته، كما قال:

(حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ مِنْهُمَا) قال النوويّ رحمه الله: هذا البكاء، والحزن الذي

أصابه سببه ما خافه من تقصيره في حق فاطمة -رضي الله عنها-، وجهازها، والاهتمام

بأمرها، وتقصيره أيضًا بذلك في حقّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن لمجرد الشارفين من

حيمث هما، من متاع الدنيا، بل لِمَا قدمناه، والله أعلم. انتهى (?).

(قُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ قَالُوا: فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عبد المُطلِبِ، وَهُوَ فِي هَذَا

الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ) بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء: جمع شارب، وهم

الجماعة الشاربون. (مِنَ الأنصَارِ، غَنَّتْهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابَهُ، فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا:

أَلا يَا حَمْزَ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ)

قال القرطبيّ رحمه الله: قولها: "ألَّا يا حَمْزُ للشُّرُفِ النِّواءِ"؛ الرواية الصحيحة

المشهورة في هذا اللفظ: "للشُرُف" باللام، وضم الراء، و"النواء" بكسر النون،

فالشُّرُف بضم الراء: جمع شارف على غير قياس، وذلك أن الشارف مؤنث؛

لأنَّه اسم للناقة الْمُسِّنة، وهو في أصله صفة لها، فكان حَقَّه أن يجمع على

"فواعل"، أو "فُعَّل"؛ لأنَّهما مثالا جمع فاعل، إذا كان للمؤنث، لكنه لما كان

مذكر اللفظ- أي: ليس فيه علامة تأنيث- حملوه على "بازل" الذي هو صفة

للجمل المسنِّ، فجمعوه جَمْعَهُ، فقالوا: شُرُف، كما قالوا: بُزُل، واللام في

"للشُّرُف" لام الجرّ، وهي متعلقة بفعل محذوف دلَّ عليه الحال؛ أي: انْهَضْ

للشُّرُف، أو: قُم لها، تُحرّضُه على نحرها، ولذلك قام حمزة فنحرها.

و"النواء": السمان، يقال: نَوَتِ الناقةُ، تنوي: إذا سَمِنت، فهي ناوية،

وجمعها: نِوَاء، وهو أيضًا على غير قياس، كما تقدَّم، قال الخطابيّ: وقد

رَوَى هذا اللفظ أبو جعفر الطبريّ: "ذا الشَرَف النواء" بـ "ذا" التي بمعنى

صاحب، وبفتح الراء والشين، قال: وفسَّره بالبُعْد.

قال القرطبيّ: وفي هذه الرواية ومعناها بُعْدٌ، والصواب: رواية الجماعة

كما ذكرناه آنفًا. انتهى (?).

(فَقَامَ حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ، فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، فَأَخَذَ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015