أو لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تحمَّلها عنه كما قال في صدقة العباس، والله تعالى أعلم.
وقد احتجّ بهذا الحديث من لا يلزم طلاق السكران؛ من جهة أن
النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يؤاخذ حمزة بما صدر عنه من قوله له، وإليه ذهب الْمُزنيّ،
والليث، وبعض أصحاب أبي حنيفة، وتوقف فيها: أحمد بن حنبل، والجمهور
من السَّلف وكافة الفقهاء على أن ذلك يلزمه؛ لأنَّ السكران بعد التحريم أدخل
نفسه في السُّكر بمعصية الله تعالى فكان مختارًا لِمَا يكون منه فيه، ولم يكن
حمزة كذلك، بل كان شُرْبُه مباحًا كما قدَّمناه، فصار ذلك بمثابة من سَكِر من
شُرب اللَّبن، أو غيره من المباحات، فإنَّه لا يلزمه شيء مما يجري منه من
القول، ويكون كالْمُغمى عليه، والله أعلم. انتهى (?).
وقوله: (فَإِذَا شَارِفَايَ) بصيغة التثتية، ووقع عند النوويّ بلفظ: "فإذا
شارفي"، فقال النوويّ: هكذا هو في معظم النسخ: "فإذا شارفي"، وفي
بعضها: "فاذا شارفاي"، وهذا هو الصواب، أو يقول: "فإذا شارفي"، إلا أن
يُقرأ: "فإذا شارفِي " بتخفيف الياء، على لفظ الإفراد، ويكون المراد جنس
الشارف، فيدخل فيه الشارفان، والله أعلم. انتهى (?).
و"إذا" هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأني شارفاي (قَدِ اجْتبَّتْ) بالبناء للمفعول،
افتُعِل من الْجَبّ، بفتح الجيم، وتشديد الباء الموحّدة، وهو القطع؛ أي: شُقّ
عنها الجلد، وأخرج الشحم الذي فيها. (أَسْنِمَتُهُمَا) جمع سنام، وتقدّم معناه.
(وَبُقِرَتْ) بالبناء للمفعول، من الْبَقْر، بالباء الموحدة، والقاف، وهو الشقّ.
(خَوَاصِرُهُمَا) تقدّم معناه، (وَأخِذَ) بالبناء للمفعول أيضًا، (مِنْ أَكبَادِهِمَا) قال
القرطبيّ رحمه الله: وهذا إنما فَعَل ذلك بعد أن نحرهما على عادتهم، وعلى هذا
يدلُّ الشِّعر المذكور بعد هذا، ويَحْتَمِل أن يكون فَعَل ذلك بها من غير نحر
استعجالًا لإجابة الإغراء الذي أغرته به المغنية، لا سيما، وقد كانت الخمر
أخذت منه. انتهى (?).