ذلك، وهذا البيت من جملة تلك الأدلّة، فتنبّه، وسنعود إليه كرّة بعد كرّة؛
لأني أرى كثيراً من الشرّاح يتكلّفون التاويل المتعسّف، بل بعضهم يغلّط ما يقع
في "صحيح مسلم" بسبب ذلك مع أنه الموافق لاستعمال العرب لذلك، والله
تعالى أعلم.
وقوله: "يا حمزُ" ترخيم، وهو بفتح الزاي، ويسمّى لغة من ينتظر
المحذوف للترخيم، ويجوز ضمها، ويُسمّى لغة من لا ينتظر، وإليه أشار ابن
مالك - رحمه الله - في "الخلاصة" حيث قال:
وإِنْ نَوَيْتَ بَعْدَ حَذْفِ مَا حُذِفْ ... فَالْبَاقِيَ اسْتَعْمِلْ بِمَا فِيهِ أُلِفْ
وَاجْعَلْهُ إِنْ لَمْ تَنْوِ مَحْذُوفاً كَمَا ... لَوْ كَانَ بِالآخِرِ وَضْعاً تُمِّمَا
فَقُلْ عَلَى الأَوَّلِ فِي ثَمُودَ يَا ... ثَمُو وَيَا ثَمِي عَلَى الثَّانِي بِيَا
(فَثَارَ)؛ أي: نَهَضَ، يقال: ثار الْغُبارُ يثور ثَوْراً، وثُؤُوراً على فُعُول،
وثَوَرَاناً: هاج، ومنه قيل للفتنة: ثارت، وأثارها العدوّ، وثار الغضبُ: احْتَدَّ،
وثار إلى الشرّ: نَهَضَ، قاله الفيّوميّ - رحمه الله -، وهذا الأخير هو المناسب هنا،
ولهذا عدّاه بـ "إلى"، فقال: (إِلَيْهِمَا) إلى الشارفين، (حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ، فَجَبَّ) من
باب نصر، والْجَبّ: الاستئصال في القطع، (أَسْنِمَتَهُمَا) بفتح الهمزة: جمع
سَنَامٍ، وهو للبعير كالأَلْيِةِ للغنم، وسُنِمَ البعيرُ وأُسْنِمَ بالبناء للمفعول: عَظُمَ
سَنَامُهُ، ومنهم من يقول: أَسْنَمَ بالبناء للفاعل، وسَنِمَ سَنَماً، فهو سَنِمٌ، من باب
تَعِبَ كذلك، قاله الفيّوميّ (?).
(وَبَقَرَ) من باب نصر أيضاً؛ أي: شقّ (خَوَاصِرَهُمَا) قال المجد - رحمه الله -:
الخاصِرَةُ: الشَّاكِلَةُ، وما بَيْنَ الحَرْقَفَة (?) والقُصَيْرَى (?)، وقال المرتضى في
"شرحه": وهما خَاصِرَتَان، قيل: الخَصْرَانِ، والخاصِرَتانِ: ما بَيْنَ الحَرْقَفَة
والقُصيْرَى، وهو ما قَلَص عنه القَصَرَتَانِ، وتقدَّم من الحَجَبَتَيْن (?)، وما فَوْق