(أَلَا يَا حَمْزَ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ)
و"الشُّرُف" جمع شارف، كما تقدّم، و"النوَاء" بكسر النون، والمدّ
مخففاً: جمع ناوية، وهي الناقة السمينة.
وحَكَى الخطابيّ أن ابن جرير الطبريّ رواه: "ذا الشَّرَف" بفتح الشين،
وفسَّره بالرفعة، وجعله صفة لحمزة، وفتح نون النَّوَاء، وفسَّره بالبُعد؛ أي:
الشرف البعيد؛ أي: مناله بعيدٌ، قال الخطابيّ: وهو خطأ، وتصحيفٌ.
وحَكَى الإسماعيليّ أن أبا يعلى حدّثه به من طريق ابن جريج، فقال:
"الثواء" بالثاء المثلثة، قال: فلم نضبطه.
ووقع في رواية القابسيّ، والأصيليّ: النوى بالقصر، وهو خطأ أيضاً.
وقال الداوديّ: النواء الخباء، وهذا أفحش في الغلط، وحَكَى المرزبانيّ
في "معجم الشعراء" أن هذا الشعر لعبد الله بن السائب بن أبي السائب
المخزوميّ، جدّ أبي السائب المخزوميّ المدنيّ، وبقيته:
...................... ... وَهُنَّ مُعَقَّلَاتٌ بِالْفِنَاءِ
ضعِ السِّكِّينَ فِي اللَّبَّاتِ مِنْهَا ... وَضَرَّجْهُنَّ حَمْزَةُ بِالدِّمَاءِ
وَعَجَّلْ مِنْ أَطَايِبِهَا لِشَرْبٍ ... قَدِيداً مِنْ طَبِيخٍ أَوْ شَوَاءِ
و"الشَّرْب" بفتح المعجمة، وشكون الراء، بعدها موحدة: جمع شارب،
كتاجر وتَجْرٍ، و"الفِنَاء" بكسر الفاء، والمدّ: الجانب؛ أي: جانب الدار التي
كانوا فيها، و"القديد": اللحم المطبوخ، والتضريج بمعجمة، وجيم: التلطيخ،
فإن كان ثابتاً، فقد عُرِف بعض المبهم في قوله: "في شَرْبٍ من الأنصار" لكن
المخزوميّ ليس من الأنصار، وكأن قائل ذلك أطلقه عليفم بالمعنى الأعمّ،
وأراد الذي نَظَمَ هذا الشعر، وأمَرَ القينة أن تُغَنِّي به، أن يبعث هِمَّة حمزة؛ لِمَا
عُرِف من كرمه على نحر الناقتين؛ ليأكلوا من لحمهما، وكأنه قال: انْهَضْ إلى
الشّرُف، فانحرها، وقد تبيّن ذلك من بقية الشعر.
وفي قولها: "للشُّرُف" بصيغة الجمع مع أنه لم يكن هناك إلا اثنتان دلالة
على جواز إطلاق صيغة الجمع على الاثنين.
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قال في "الفتح"، وهذه المسألة قد تقدّم
قريباً الكلام فيها، وهي أن أقلّ الجمع اثنان؛ لأدلّة كثيرة وردت عن العرب في