قال: "وأعطاني شارفاً من الخمس يومئذ"، فإنه ظاهر في أنه كان فيها خمس.
قال الحافظ: ويَحْتَمِل أن تكون قسمة غنائم بدر وقعت على السواء بعد
أن أخرج الخمس للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ما تقدّم من قصة سرية عبد الله بن جحش،
وأفادت آية الأنفال، وهي قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} إلى آخرها [الأنفال:
41]، بيان مصرف الخمس، لا مشروعية أصل الخمس، والله أعلم.
وأما ما نقله عن أهل السير، فأخرجه ابن إسحاق بإسناد حسن يُحتجّ
بمثله، عن عُبادة بن الصامت، قال: "فلما اختلفنا في الغنيمة، وساءت أخلاقنا
انتزعها النه منا، فجعلها لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقسمها على الناس عن سواء"؛ أي:
على سواء، ساقه مطؤلاً، وأخرجه أحمد، والحاكم، من طريقه، وصححه ابن
حبان من وجه آخر، ليس فيه ابن إسحاق (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق أن أول فرض الخمس كان
قبل بدر، وأن عبد الثه بن جحش إنما عزل الخمس للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لِمَا يعلمه من
كونه من حقّه الذي شرعه الله تعالى له، وأما يوم بدر فنزلت الآية مقرّرة،
وموضّحةً لِمَا سبق، فلا استشكال كما أبداه ابن بطّال، ولا داعي إلى التكلّفات
الباردة في الأجوبة، فتأملّ بالإمعان، والله تعالى أعلم.
(فَأَنَخْتُهُمَا)؛ أي: أبركتهما، يقال: أناخ الرجل الجمل إناخةً، قالوا: ولا
يقال في المطاوع: فناخ، بل يقال: فَبَرَكَ، وتنوّخ، وقد يقال: فاستناخ،
والْمُنَاخُ بضمّ الميم: موضع الإناخة (?). (يَوْماً عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ)
قال الحافظ: لم أقف على اسمه. (وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِراً) بكسر
الهمزة والخاء، بينهما ذال معجمة ساكنة: نبتٌ معروفٌ، ذَكيّ الريح، وإذا جفّ
ابيَضّ (?). (لأَبِيعَهُ، وَمَعِي صَائِغٌ) اسم فاعل من صاغ الذهب يصوغه صوغاً: إذا
جعله حَلْياً، فهو صائغ، وصَوّاغ، والحرفة الصَّياغة، ولا يُعرف اسم ذلك
الصائغ، كما قال في "الفتح". (مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ) - بضم النون، وكسرها،
وفتحها - وَهُم طائفة من يهود المدينة، فيجوز صَرْفه على إرادة الحيّ، وتَرْك